بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٩٤
لما يثبت على الأرض كما لا يثبت السرير وما أشبهه فصار ينقل اليمنى من مقاديمه مع اليسرى من مآخيره، وينقل الأخريين أيضا من خلاف فيثبت على الأرض ولا يسقط إذا مشى.
أما ترى الحمار كيف يذل للطحن والحمولة وهو يرى الفرس مودعا منعما، والبعير لا يطيقه عدة رجال لو استعصى، كيف كان ينقاد للصبي؟ والثور الشديد كيف كان يذعن لصاحبه حتى يضع النير على عنقه ويحرث به؟ والفرس الكريم يركب السيوف والأسنة بالمواتاة لفارسه، والقطيع من الغنم يرعاه رجل واحد ولو تفرقت الغنم فأخذ كل واحد منها في ناحية لم يلحقها، وكذلك جميع الأصناف مسخرة للانسان فبم كانت كذلك؟ إلا بأنها عدمت العقل والروية فإنها لو كانت تعقل وتروى في الأمور (1) كانت خليقة أن تلتوي على الانسان في كثير من مآربه، حتى يمتنع الجمل على قائده، والثور على صاحبه، وتتفرق الغنم عن راعيها، وأشباه هذا من الأمور، و كذلك هذه السباع لو كانت ذات عقل وروية فتوازرت على الناس كانت خليقة أن تجتاحهم (2) فمن كان يقوم للأسد والذئاب والنمورة والدببة لو تعاونت وتظاهرت على الناس؟ أفلا ترى كيف حجر ذلك عليها وصارت مكان ما كان يخاف من إقدامها ونكايتها تهاب مساكن الناس وتحجم عنها ثم لا تظهر ولا تنشر لطلب قوتها إلا بالليل؟ فهي مع صولتها كالخائف للانس بل مقموعة ممنوعة منهم، ولولا ذلك لساورتهم في مساكنهم وضيعت عليهم (3) ثم جعل في الكلب من بين هذه السباع عطف على مالكه ومحاماة عنه و حفاظ له فهو ينتقل على الحيطان والسطوح في ظلمة الليل لحراسة منزل صاحبه، وذب الدغار عنه (4) ويبلغ من محبته لصاحبه أن يبذل نفسه للموت دونه ودون ماشيته وماله، ويألفه غاية الألف حتى يصبر معه على الجوع والجفوة فلم طبع الكلب على هذا

(1) أي نظر في الأمور وتفكر فيها.
(2) أي تستأصلهم وتهلكهم.
(3) وفي نسخة: وضيقت عليهم.
(4) وفي نسخة: وذب الذعار عنه.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309