بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٩٣
إذا حاول طلب الرعي، ولبعضها حوافر ململمة ذوات قعر كأخمص القدم تنطبق على الأرض ليتهيأ للركوب والحمولة، تأمل التدبير في خلق آكلات اللحم من الحيوان حين خلقت ذوات أسنان حداد، (1) وبراثن شداد، وأشداق وأفواه واسعة، فإنه لما قدر أن يكون طعمها اللحم خلقت خلقة تشاكل ذلك وأعينت بسلاح وأدوات تصلح للصيد وكذلك تجد سباع الطير ذوات مناقير ومخاليب مهيأة لفعلها، ولو كانت الوحوش ذوات مخالب كانت قد أعطيت مالا يحتاج إليه لأنها لا تصيد ولا تأكل اللحم، ولو كانت السباع ذوات أظلاف كانت قد منعت ما تحتاج إليه أعني السلاح الذي به تصيد وتتعيش، أفلا ترى كيف أعطي كل واحد من الصنفين ما يشاكل صنفه وطبقته بل ما فيه بقاؤه وصلاحه.
انظر الآن إلى ذوات الأربع كيف تراها تتبع اماتها مستقلة بأنفسها لا تحتاج إلى الحمل والتربية كما تحتاج أولاد الانس، فمن أجل أنه ليس عند أمهاتها ما عند أمهات البشر من الرفق والعلم بالتربية والقوة عليها بالأكف والأصابع المهيأة لذلك أعطيت النهوض والاستقلال بأنفسها، وكذلك ترى كثيرا من الطير كمثل الدجاج و الدراج والقبج (2) تدرج وتلقط حين ينقاب عنها البيض. فأما ما كان منها ضعيفا لا نهوض فيه كمثل فراخ الحمام واليمام والحمر فقد جعل في الأمهات فضل عطف عليها فصارت تمج الطعام في أفواهها بعدما توعيه حواصلها فلا تزال تغذوها حتى تستقل بأنفسها ولذلك لم ترزق الحمام فراخا كثيرة مثل ما ترزق الدجاج لتقوى الام على تربية فراخها فلا تفسد ولا تموت فكل أعطي بقسط من تدبير الحكيم اللطيف الخبير.
انظر إلى قوائم الحيوان كيف تأتي أزواجا لتتهيأ للمشي، ولو كانت أفرادا لم تصلح لذلك لان الماشي ينقل قوائمه (3) ويعتمد على بعض، فذو القائمتين ينقل واحدة ويعتمد على واحدة، وذو الأربع ينقل اثنين ويعتمد على اثنين، وذلك من خلاف لان ذا الأربع لو كان ينقل قائمتين من أحد جانبيه ويعتمد على قائمتين من الجانب الآخر

(1) وفي نسخة: حيث جعلت ذوات أسنان.
(2) بالقاف والباء المفتوحتين: طائر يشبه الحجل.
(3) كذا في النسخ والظاهر أن الصحيح: ينقل بعض قوائمه.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309