بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٦٦
بالاهمال، ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشئ أنه لا منفعة فيه من أجل أنهم لا يعرفونه ولا يعلمون السبب فيه فإن كل مالا يعرفه المنكرون يعلمه العارفون، (1) وكثير مما يقصر عنه علم المخلوقين محيط به علم الخالق جل قدسه وعلت كلمته، فأما ما يسيل من أفواه الأطفال من الريق ففي ذلك خروج الرطوبة التي لو بقيت في أبدانهم لأحدثت عليهم الأمور العظيمة، كمن تراه قد غلبت عليه الرطوبة فأخرجته إلى حد البله (2) والجنون والتخليط، (3) إلى غير ذلك من الأمراض المختلفة كالفالج واللقوة (4) وما أشبههما، فجعل الله تلك الرطوبة تسيل من أفواهم في صغرهم لمالهم في ذلك من الصحة في كبرهم، فتفضل على خلقه بما جهلوه، ونظر لهم بما لم يعرفوه، ولو عرفوا نعمه عليهم لشغلهم ذلك عن التمادي في معصيته، فسبحانه ما أجل نعمته وأسبغها على المستحقين وغيرهم من خلقه، وتعالى عما يقول المبطلون علوا كبيرا.
بيان: الدؤب: الجد والتعب. والتوخي: التحري والقصد. وقوله عليه السلام:
كل ما لا يعرفه أي مما لا يقصر عنه علم المخلوقين. ويقال: أبطل أي جاء بالباطل.
انظر الآن يا مفضل كيف جعلت آلات الجماع في الذكر والأنثى جميعا على ما يشاكل ذلك، فجعل للذكر آلة ناشزة (5) تمتد حتى تصل النطفة إلى الرحم إذ كان محتاجا إلى أن يقذف ماءه في غيره، وخلق للأنثى وعاءا قعر ليشتمل على المائين جميعا، ويحتمل الولد ويتسع له ويصونه حتى يستحكم، أليس ذلك من تدبير حكيم لطيف؟ سبحانه وتعالى عما يشركون.
بيان: المشاكلة: المشابهة والمناسبة، واسم الإشارة راجع إلى ما مضى من التدبير في الخلق، ويحتمل إرجاعه إلى الجماع.

(1) وفي نسخة: يعرفه العارفون.
(2) أي ضعف العقل وعجز الرأي.
(3) أي اضطراب العقل واختلاله.
(4) اللقوة: علة ينجذب لها شق الوجه إلى جهة غير طبيعية، فيخرج النفخة والبزقة من جانب واحد، ولا يحسن التقاء الشفتين، ولا ينطبق احدى العينين.
(5) أي رافعة. وفي نسخة ناشرة.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309