بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢١٩
عكس ذلك لان الأبدان عندهم من فعل الظلمة، ولا نحكم بقدرة الرب وعلمه وحكمته إلا بما نشاهد من تلك الأبدان المختلفة، والأشجار والثمار، والطيور والدواب، ولا نشاهد مما يقولون من الأرواح شيئا، فيلزمهم على قياس ذلك أن تكون الظلمة إلها قادرا حكيما عليما. فقوله عليه السلام: من صور مبتدأ، وقوله: يجب أن يكون إلها خبره. وقوله: كل شئ معطوف على قوله: هذا الخلق.
الخامس: قولهم: بأن النور في حبس الظلمة ينافي القول بربوبيته لان كونه محبوسا يستلزم عجزه ونقصه، وكل منهما ينافي الربوبية كما مر، وما ادعوا من أنه في القيامة يغلب النور عليها فمع أنه لا ينفع في دفع الفساد فهو دعوى من غير حجة. وأيضا يلزمهم أن لا يكون للنور فعل لأنه أسير. وإن قالوا: بأن له أيضا فعلا من الخلق والتدبير فليس بأسير لان العقل يحكم بأن الخالق المدبر لابد من أن يكون عزيزا منيعا قادرا قاهرا على كل من سواه فلما ثبت على قياس قولهم أنه أسير فيلزمهم بما قررنا أن يكون ما في العالم من الاحسان والخير أيضا من فعل الظلمة، فإن حكموا باستحالة ذلك أي كون الخير من الظلمة فقد بطل أصل كلامهم، وهو الحكم بتوزيع الخلق، وثبت ما قلناه: من أن الرب تعالى واحد لا يشاركه ولا يضاده في ملكه أحد.
وأما مذهب المرقوبية فقد بين عليه السلام بطلانه بأن القول بالحكم ينافي القول بربوبية النور، لان الحكم يكون قاهرا والنور مقهورا، وبديهة العقل حاكمة ببطلان كون الرب مقهورا. وأيضا يلزم أن يكون الحكم اعلم بالحكمة من النور الذي حكمتم أنه رب، والضرورة قاضية بأن الرب الخالق لمثل هذا الخلق المدبر لهذا النظام لا يكون جاهلا. هذا جملة القول في هذا الخبر على ما ناله فهمي القاصر، وبسط القول فيه يحتاج إلى كتاب مفرد معمول لذلك. والله الموفق لكل خير.
6 - تفسير علي بن إبراهيم: ثم رد على الثنوية الذين قالوا بإلهين فقال تعالى: ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض. قال:
لو كان إلهين كما زعمتم لكانا يخلقان، فيخلق هذا ولا يخلق هذا، ويريد هذا ولا يريد هذا، ولطلب كل واحد منهما الغلبة، وإذا أراد أحدهما خلق إنسان وأراد الآخر
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309