بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٢١
أي تسوقه. وتفضه أي تفرقه. والتفشي: الانتشار. وترخي الأطعمة - على التفعيل أو الافعال - أي تصيرها رخوة لطيفة. وتشب النار أي توقدها.
فكر يا مفضل فيما خلق الله عز وجل عليه هذه الجواهر الأربعة ليتسع ما يحتاج إليه منها، فمن ذلك سعة هذه الأرض وامتدادها فلولا ذلك كيف كانت تتسع لمساكن الناس ومزارعهم ومراعيهم ومنابت أخشابهم وأحطابهم، والعقاقير العظيمة، والمعادن الجسمة غناؤها، ولعل من ينكر هذه الفلوات الخاوية والقفار الموحشة فيقول: ما المنفعة فيها؟ فهي مأوى هذه الوحوش ومحالها ومرعاها ثم فيها بعد متنفس ومضطرب للناس إذا احتاجوا إلى الاستبدال بأوطانهم، فكم بيداء وكم فدفد حالت قصورا وجنانا بانتقال الناس إليها وحلولهم فيها، ولولا سعة الأرض وفسحتها لكان الناس كمن هو في حصار ضيق لا يجد مندوحة عن وطنه إذا حزبه أمر يضطره إلى الانتقال عنه.
ثم فكر في خلق هذه الأرض على ما هي عليه حين خلقت راتبة راكنة فتكون موطنا مستقرا للأشياء فيتمكن الناس من السعي عليها في مأربهم، والجلوس عليها لراحتهم، والنوم لهدئهم، والاتقان لأعمالهم فإنها لو كانت رجراجة متكفئة لم يكونوا يستطيعون أن يتقنوا البناء والتجارة والصناعة وما أشبه ذلك، بل كانوا لا يتهنؤون بالعيش والأرض ترتج من تحتهم، واعتبر ذلك بما يصيب الناس حين الزلازل على قلة مكثها حتى يصيروا إلى ترك منازلهم والهرب عنها.
فان قال قائل: فلم صارت هذه الأرض تزلزل؟ قيل له: إن الزلزلة وما أشبهها موعظة وترهيب يرهب بها الناس ليرعووا وينزعوا عن المعاصي، وكذلك ما ينزل بهم من البلاء في أبدانهم وأموالهم يجرى في التدبير على ما فيه صلاحهم واستقامتهم، ويدخر لهم إن صلحوا من الثواب والعوض في الآخرة ما لا يعدله شئ من أمور الدنيا، وربما عجل ذلك في الدنيا إذا كان ذلك في الدنيا صلاحا للخاصة والعامة.
ثم إن الأرض في طباعها الذي طبعها الله عليه باردة يابسة وكذلك الحجارة و إنما الفرق بينها وبين الحجارة فضل يبس في الحجارة، أفرأيت لو أن اليبس أفرط على الأرض قليلا حتى تكون حجرا صلدا أكانت تنبت هذا النبات الذي به حياة الحيوان؟
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309