عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ١ - الصفحة ٢٤٧
وما وعى، وترك زينة الحياة الدنيا، فقد استحى من الله حق الحياء " (1) (2) (3) وقال صلى الله عليه وآله: " أكثروا من ذكر هادم اللذات، فما ذكر في قليل الا وقد كثره، ولا كثير الا وقلله " (3) (4).

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 387 (2) حفظ الرأس وما حوى، المراد منه الاذن والعين واللسان. وما وعاه البطن المراد حفظه من الحرام وترك ذكر الفرج، أما لدخوله في الثاني، أوفى زينة الحياة الدنيا ولا تظن أن الأعيان الحسنة، من المساكن والمناكح والملابس والمراكب و المتاجر، ونحو ذلك كلها من زينة الحياة الدنيا المذمومة، فان كثيرا من الأنبياء و الأئمة والأولياء، تأنقوا في أعيان الدنيا ولذاتها، وناهيك بسليمان عليه السلام والحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام.
وقد روى عن الصادق عليه السلام لما دخل عليه سفيان الثوري وأصحابه الصوفية وكان لابسا أفخر الثياب، فاعترضوا عليه بقولهم ان أباك علي بن أبي طالب كان يلبس أخشن الثياب، فكيف لم تقتد به، فأجابهم تارة بان الله إنما خلق الدنيا لأوليائه والا فالكفار لا يعتد بهم حتى يخلق لهم ملابس الدنيا ومطاعمها، ونحن قوم إذا وسع الله علينا وسعنا على أنفسنا، وإذا ضيق علينا ضيقنا على أنفسنا.
وأما أمير المؤمنين فكان أوائل الاسلام والناس في ضنك العيش، فكان يسلك مسالك أهل ذلك الزمان، ولو كان الآن موجودا، لتشبه بأهل هذا الزمان في ملابسه و غيرها لئلا يتهم عند الناس بالتصنع نعم استعمال الأعيان إذا وقع على جهة بذل نعم الله، والاخبار بها امتثالا لقوله تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث) أي فحدث بالفعل لا بالقول وحده، فاستعمالها ليس استعمالا لزينة الحياة الدنيا. وهذا مجمل، أوردنا تفصيله في كتاب الأنوار (جه) (3) الجامع الصغير للسيوطي، حرف (الهمزة) نقلا عن البيهقي في شعب الايمان (4) يحتمل أن يراد بالتكثير والتقليل في الاعمال الخيرية والشرية. فان من ذكره في عمل قليل من الخير دعاه ذكره، إلى الاستكثار من أعمال الخير، خوفا من هجوم الموت عليه وهو في الغفلة. ومن ذكره في عمل كثير من الشر دعاه ذكره إلى الاستقلال منه وتركه خوفا من هجوم الموت عليه.
ويحتمل أن يراد بالقليل والكثير، بالنسبة إلى المال ويكون التقدير ما ذكره قليل مال، الا وكان ما عنده منه كثير، فعده كثيرا، لأنه يجوز الميت حين ذكره، فما عنده يكون فاضلا عنه. وما ذكر كثير مال، الا وكان ذكره مقللا لما له عنده. لعدم انتفاعه بشئ منه. فيدعوه إلى انفاقه وتقليله وعدم الرغبة في مكسبه واستكثاره.
ويحتمل أن يراد بالقليل والكثير بالنسبة إلى الاشخاص، ويكون التقدير، ما ذكره في قليل من الاشخاص في الموت، الا وصاروا كثيرين به، ولا في كثيرين من الاشخاص في الحياة، الا وصاروا قليلين به لأنهم يموتون (معه)
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 252 253 254 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 رسالة الردود والنقود على الكتاب والمؤلف مقدمة المؤلف وفيها فصول: 1
2 الفصل الأول: في كيفية اسناد المصنف وروايته لجميع ما ذكره من الأحاديث إلى المشايخ. 5
3 الفصل الثاني: في السبب الداعي إلى جمع هذه الأحاديث. 15
4 الفصل الثالث: فيما رواه بطريق الاسناد المتصل اسناده بطريق العنعنة دون الإجارة والمناولة. 21
5 الفصل الرابع: فيما رواه بطرقه المذكورة محذوفة الاسناد. 30
6 الفصل الخامس: في أحاديث تتعلق بمعالم الدين وجملة من الآداب. 81
7 الفصل السادس: في أحاديث أخرى من هذا الباب رواها بطريق واحد. 95
8 الفصل السابع: في أحاديث تتضمن مثل هذا السياق رواها بطريقها من مظانها 107
9 الفصل الثامن: في أحاديث تشتمل على كثير من الآداب ومعالم الدين روايتها تنتهي إلى النبي (ص). 128
10 الفصل التاسع: في أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه ذكرها بعض الأصحاب في بعض كتبه. 195
11 الفصل العاشر: في أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية. 246
12 الباب الأول ومنه أربعة مسالك: 299
13 المسلك الأول: في أحاديث ذكرها بعض متقدمي الأصحاب رواها عنه بطريقه إليه. 301
14 المسلك الثاني: في أحاديث تتعلق بمصالح الدين رواها جمال المحققين في بعض كتبه. 349
15 المسلك الثالث: في أحاديث رواها الشيخ محمد بن مكي في بعض مصنفاته تتعلق بأحوال الفقه. 380