مختصر البصائر - الحسن بن سليمان الحلي - الصفحة ٢٥٧
فهم ذلك ولم يعرفوا حدود ما سمعوا، فوضعوا حدود تلك الأشياء مقايسة برأيهم ومنتهى عقولهم، ولم يضعوها على حدود ما أمروا كذبا وافتراء على الله تعالى وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجرأة على المعاصي، فكفى بهذا لهم جهلا، ولو أنهم وضعوها على حدودها التي حدت لهم وقبلوها، لم يكن به بأس ولكن حرفوها وتعدوا الحق، وكذبوا فيها، وتهاونوا بأمر الله وطاعته.
ولكن أخبرك أن الله عز وجل حدها بحدودها لئلا يتعدى حدود الله أحد، ولو كان الأمر كما ذكروا لعذر الناس بجهل ما لم يعرفوا حد ما حد لهم فيه، ولكان المقصر والمتعدي حدود الله معذورا إذا لم يعرفوها، ولكن جعلها الله عز وجل حدودا محدودة (1) لا يتعداها إلا مشرك كافر، قال الله عز وجل * (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) * (2).
وأخبرك حقا يقينا أن الله تبارك وتعالى اختار الإسلام لنفسه دينا ورضيه لخلقه، فلم يقبل من أحد عملا إلا به (وبه بعث أنبياءه ورسله، ثم قال: * (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل) * (3) فعليه وبه بعث أنبياءه ورسله ونبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)) (4)، فأصل الدين معرفة الرسل وولايتهم. وإن الله عز وجل أحل حلالا، وحرم حراما فجعل حلاله حلالا إلى يوم القيامة، وجعل حرامه حراما إلى يوم القيامة.
فمعرفة الرسل وولايتهم وطاعتهم هي الحلال، فالمحلل ما حللوا، والمحرم ما

١ - في نسخة " س وض ": لحدوده.
٢ - البقرة ٢: 229.
3 - الاسراء 17: 105.
4 - في نسخة " س وض ": وقد بعث أنبياءه وبعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم). بدل ما بين القوسين.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»