فركب صاحب الديوان إليه وقاد إليه فرسا آخر واعتذر منه، ومن حكاياته أن شاعرا مدحه فلم يعطه شيئا فهجاه بقوله:
أعرق والأعراق دساسة * إلى خؤول كخليع الدلا مدحته وأنفس أمارة * بالسوء إلا ما وقى ذو العلى فكنت كالمودع بطيخة * من عنبر حقة بيت الخلا فلما بلغته هذه الأبيات أمر للشاعر بجائزة فجاءه الشاعر معتذرا وقال:
كيف أجازني النقيب على الهجو ولم يجزني على المدح؟ فقال النقيب: أنا لا أعرف ما تقول ولكنك لما قلت شعرا أثبتك عليه. فعرف الشاعر أنه لم يجزه لاسترذال القصيدة وركاكة الشعر. وكان للنقيب تاج الدين إبنان أحدهما معتوه والآخر مجد الدين محمد، وكان نجيبا وجيها توفى في حياة أبيه وانقرض النقيب تاج الدين جعفر.
وأما النقيب جلال الدين أبو جعفر القاسم بن الزكي الثالث كان أحد رجالات العلويين وكان صدر البلاد الفراتية بأسرها ونقيبها، وكان فيه كر وإقدام وظلم على ما يحكى من أخباره، وبسببه نكب الخليفة الناصر لدين الله على آل المختار العلويين وتولى هو تعذيبهم واستخرج أموالهم، وحكم في قوسان وكان قد ضمنها بعير اختياره، وكان الوزير ناصر بن مهدي الحسنى البطحاني ببغض النقيب زكى الدين ويقصده بالأذى، واشتدت البغضة والعداوة لما فعل النقيب جلال الدين بآل المختار ما فعل، واستشعر منه خوفا عمل معه على هلاكه واستيصاله فضمن قوسان بأضعاف ما كان مقدار ضمانها، وعزم النقيب زكى الدين على الهرب فكره ذلك منه ابنه جلال الدين وتقبل بذلك الضمان، ولا طف الوزير ثم خرج إلى قوسان فعسف الناس عسفا لم يسمع بمثله، فزرع ضياع الملاك وغصب الأكرة وفعل بقوم كان له معهم عداوة ولهم قرية تسمى بالهور ما لم يسمع بمثله حمل جميع ما حصل في تلك القرية وأحال عليهم بالخراج وعاملهم من التشدد