والى بنى النقيب أبى منصور الحسن الزكي الثالث بن النقيب أبى طالب الزكي الثاني بن أبي منصور الحسن الزكي الأول يعرفون ببنى معية ذوي جلالة ورياسة ونقابة وتقدم، أعقب النقيب أبو منصور الحسن الزكي الثالث من رجلين محمد، والقاسم النقيب جلال الدين أبى جعفر، أما محمد بن الزكي الثالث فأعقب من ولده النقيب تاج الدين جعفر الشاعر الفصيح لسان بنى حسن بالعراق حدثني الشيخ تاج الدين محمد قال: حدثني أبي عن خاله النقيب تاج الدين جعفر المذكور أنه حدثه قال لهجت بقول الشعر وانا صبي فسمع والدي بذلك فاستدعاني وقال يا جعفر قد سمعت انك تهذي بالشعر فقل في هذه الشجرة حتى أسمع فقلت ارتجالا:
ودوحة تدهش الابصار ناضرة * تريك في كل غصن جذوة النار كأنما فصلت بالتبر في حلل * خضر تميس بها قامات أبكار فاستدناني وقبل ما بين عيني، وأمر لي بفرس وثياب نفيسة ودراهم أمر باحضارها في الحال، ووهب لي ضيعة من خاصة ضياعه، وقال: يا بنى استكثر من هذا فانا نقصد دار الخلافة ومعنا من الخيل وغيرها وأنواع التكلفات ومما لا يتمكن منه ويجيئ بن عامر بدواته وقلمه فتقضى حوائجه قبلنا ويرجع إلى الكوفة ونحن مقيمون بدار الخلافة لم يقض لنا بعد حاجة.
وكان للنقيب تاج الدين جعفر وظائف على ديوان بغداد تحمل إليه في كل سنة وكان قد أضر وبنى موضعا سماه الزوية واعتكف فيه دائما فأرسلوا إليه بعض السنين - وحاكم بغداد يومئذ الصاحب علاء الدين عطاء الملك الجويني - بفرس كبير السن أعور فكتب إلى صاحب الديوان بهذين البيتين:
أهديتم الجنس إلى جنسه * بزرك كور لبزرك وكور (1) وما لكم في ذلك من حيلة * سبحان من قدر هذى الأمور