كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٣٠٠
ودل على أن المختلفين قد خرجوا بالاختلاف عن الرحمة لاختصاص من خرج عن صفتهم بالرحمة ولولا ذلك لما كان لاستثناء المرحومين من المختلفين معنى يعقل وهذا بين لمن تأمله قال صاحب المجلس ارى هذا الكلام كله يتوجه على من قال إن كل مجتهد مصيب فما تقول فيمن قال إن الحق في واحد ولم يسوغ الاختلاف (قال) الشيخ رضي الله عنه فقلت له القائل بان الحق في واحد وإن كان مصيبا فيما قال على هذا المعنى خاصة فإنه يلزمه المناقضة بقوله ان المخطئ للحق معفو غير مؤاخذ بخطئه فيه واعتماده في ذلك على أنه لو أوخذ به للحقه العنت والتضييق فقد صار بهذا القول إلى معنى قول الأولين فيما عليهم من المناقضة ولزمهم من اجله ترك المباحثة والمكالمة وإن كان القائلون بإصابة المجتهدين الحق يزيدون عليه في المناقضة وتهافت المقالة بقول الواحد لخصمه قد أخطأت الحكم مع شهادته له بصوابه فيما فعله مما به أخطأ الحكم عنده فهو شاهد بصوابه وخطئه في الإصابة معترف له ومقر بأنه مصيب في خلافه مأجور على مباينته وهذه مقاله تدعو إلى ترك اعتقادها بنفسها وتكشف عن قبح باطنها بظاهرها وبالله التوفيق ذكروا ان هذا الكلام جرى في مجلس الشيخ أبي الفتح عبيد الله بن فارس قبل ان يتولى الوزارة (مسألة) ان سئل سائل فقال ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله اختلاف أمتي رحمة (الجواب) قيل له المراد بذلك اختلاف الواردين من المدن المتفرقة على رسول الله صلى الله عليه وآله في وقته وعلى وصيه القائم مقامه من بعده ليسألوا عن معالم دينهم و يستفتوا فيما لبس عليهم فذلك رحمة لهم إذ يعودون إلى قومهم فينذرونهم قال الله سبحانه * (فلو لا نفر من كل فرقة طائفة منهم ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) * التوبة وليس المراد بذلك اختلاف الأمة في اعتقادها وتباينها في دينها وتضاد أقوالها وافعالها ولو كان هذا الاختلاف لها رحمة لكان اتفاقها لو اتفقت سخطا عليها ونقمة وقد تضمن القرآن من الامر بالاتفاق والائتلاف والنهي عن التباين والاختلاف ما فيه بيان شاف (فصل من الاستدلال بهذه الآية على صحة الإمامة والعصمة) قال الله عز وجل * (فلو لا نفر من كل فرقة طائفة منهم ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) * التوبة فحث سبحانه وتعالى على طلب العلم ورغب
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 » »»