كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ١١٥
بالتقليد في الاعتقاد وان يسلك طريق التأمل والاعتبار ولا يكون نظره لنفسه في دينه أقل من نظره لنفسه في دنياه فإنه في أمور الدنيا يحتاط ويحترز ويفكر ويتأمل ويعتبر بذهنه ويستدل بعقله فيجب ان يكون في أمر دينه على اضعاف هذه الحال فالغرر في أمر الدين أعظم من الغرر في أمر الدنيا فيجب ان لا يعتقد في العقليات إلا ما يصح عنده حقه ولا يسلم في السمعيات إلا لمن ثبت له صدقه نسئل الله حسن التوفيق برحمته وإلا يحرمنا ثواب المجتهدين في طاعته قد أثبت لك يا أخي أيدك الله ما سئلت واقتصرت وما أطلت والذي ذكرت أصل لما تركت والحمد لله وصلواته على سيدنا محمد رسوله وآله وسلم (فصل في ذكر مولد أمير المؤمنين صلى الله عليه) روى المحدثون وسطر المصنفون ان أبا طالب بن عبد المطلب بن هاشم وامرأته فاطمة بنت أسد بن هاشم رضوان الله عليهما لما كفلا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله استبشرا بغرته واستسعدا بطلعته واتخذاه ولدا لأنهما لم يكونا رزقا من الولد أحدا ثم إنه نشأ عليه السلام أشرف نشوء وأحسنه وأفضله وأيمنه فرأى فاطمة ورغبتها في طلب الولد وقربانها وقتا بعد وقت فقال لها يا امه اجعلي قربانك لوجه الله تعالى خالصا ولا تشركي معه أحدا فإنه يرضاه منك ويتقبله ويعطيك طلبتك ويعجله فامتثلت فاطمة امره وقبلت قوله وقربت قربانا مضاعفا وجعلته لله تعالى خالصا وسألته ان يرزقها ولدا صالحا ذكرا فأجاب الله عز وجل دعاها وبلغها مناها ورزقها من الأولاد خمسة عقيلا ثم طالبا ثم جعفرا ثم عليا ثم أختهم فاخته المعروفة بام هاني فمما جاء من حديثها قبل ان ترزق أولادها انها جلست يوما تتحدث مع عجائز العرب والفواطم من قريش منهن فاطمة ابنة عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم جدة رسول الله صلى الله عليه وآله لأبيه وفاطمة ابنه زائدة بن الأصم وهي أم خديجة بنت خويلد وفاطمة ابنه عبد الله رزام وفاطمة ابنه الحارث بن عكرشة وتمام الفواطم التي انتمى إليهن رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة أم قصي وهي ابنه نضر فإنهن لجلوس إذ اقبل رسول الله بنوره الباهر وسعده الظاهر وقد تبعه بعض الكهان ينظر إليه ويطيل فراسته فيه إلى أن اتى إليهن فسألهن عنه فقلن هذا محمد ذو الشرف الباذخ والفضل الشامخ فأخبرهن الكاهن بما يعلمه من رفيع قدره وبشرهن بما سيكون من مستقبل امره وانه سيبعث نبيا وينال منالا عليا وقال إن التي تكفله منكن في صغره سيكفل لها ولدا يكون عنصره من عنصره يختصه بسره وبصحبته ويحبوه بمصافاته واخوته فقالت له فاطمة ابنه أسد
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»