بالأصبع اعجابا به وتنبيها عليه وهذه عادتهم في تسمية الشئ بما يقع عنده وبما له به علقة وقد قال قوم في بيتي طفيل والراعي أنهما أرادا أن يقولا يدا في مكان الأصبع لان اليد النعمة فلم يمكنهما فعدلا عن اليد إلى الأصبع لأنها من اليد وفي الأصبع التي هي الجارحة ثمان لغات. أصبع بفتح الألف والباء. وأصبع بفتح الألف وكسر الباء وأصبع بضم الألف والباء. وإصبع بضم الألف وفتح الباء. وإصبوع بضم الألف مع الواو. وإصبع بكسر الألف والباء. وإصبع بكسر الألف وفتح الباء. وإصبع بكسر الألف وضم الباء.. وفي هذه الأخبار وجه آخر وهو أوضح مما ذكر وأشبه بمذاهب العرب في ملاحن كلامها وتصرف كناياتها وهو أن يكون المعني في ذكر الأصابع الإخبار عن تيسر تصريف القلوب وتقليبها والفعل فيها عليه جلت عظمته ودخول ذلك تحت قدرته ألا ترى انهم يقولون هذا الشئ في خنصري وأصبعي وفي يدي وقبضتي كل ذلك إذا أرادوا تسهله وتيسره وارتفاع المشقة فيه والمؤنة وعلى هذا المعنى يتأول المحققون قوله تعالى (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه) فكأنه صلى الله عليه وسلم لما أراد المبالغة في وصفه بالقدرة على تقليب القلوب وتصريفها بغير مشقة ولا كلفة وإن كان غيره تعالى يعجز عن ذلك ولا يتمكن منه فقال إنها بين إصبعين من أصابعه كناية عن هذا المعنى واختصارا للفظ الطويل وجريا على مذهب العرب في إخبارهم عن مثل هذا المعنى بمثل هذا اللفظ وهذا الوجه يجب أن يكون مقدما على الوجه الأول ومعتمدا عليه لأنه واضح جلى.. ويمكن أن يكون (1) في الخبر وجه آخر على تسليم ما يقترحه المخالفون من أن الأصبعين هما المخلوقتان من اللحم
(٤)