الهداية الكبرى - الحسين بن حمدان الخصيبي - الصفحة ٨٤
بنفسه، ووافى المشركون الدار ليلا فتساوروا عليها ودخلوها وقصدوا إلى الفراش فوجدوا أمير المؤمنين (عليه السلام) مضطجعا فيه، فضربوا بأيديهم إليه وقالوا: يا ابن أبي كبشة لم ينفعك سحرك ولا خدمة الجن لك اليوم نسقي أسلحتنا من دمك.
فنهض أمير المؤمنين (عليه السلام) ليريهم انهم لم يصلوا إليه، وجلس في الدار وقال: يا مشركي قريش انا علي بن أبي طالب، قالوا له: وأين محمد يا علي؟ قال: حيث يشاء الله، قالوا: فمن في الدار؟
قال ما فيها الا خديجة، قالوا: الحسيبة النسيبة لولا تبعلها بمحمد يا علي واللات والعزى لولا حرمة أبيك وعظم محله في قريش لأعملنا أسيافنا فيك فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا مشركي قريش أعجبتكم كثرتكم، وفالق الحبة وبارئ النسمة ما يكون الا ما يريد الله تعالى، ولو شئت ان افني جمعكم لكنتم أهون علي من فراش السراج فلا شئ أضعف منه.
فتضاحك المشركون وقال بعضهم لبعض: خلوا عليا لحرمة أبيه واقصدوا الطلب إلى محمد، ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار وهو وجبريل (عليه السلام) وأبو بكر معه فحزن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على خديجة فقال جبريل (عليه السلام): (لا تحزن ان الله معنا) ثم كشف له (عليه السلام) فرأى عليا وخديجة (عليهما السلام) ورأي سفينة جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) ومن معه تعوم في البحر، فأنزل الله سكينته على رسوله وهو الأمان مما خشيه على علي وخديجة، فأنزل الله (تأتي اثنين) يريد جبريل (عليه السلام) ورسول الله (إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فأنزل الله سكينته عليه) ولو كان الذي حزن أبو بكر لكان أحق بالأمن من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يحزن.
ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لأبي بكر: يا أبا بكر اني
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست