الهداية الكبرى - الحسين بن حمدان الخصيبي - الصفحة ٢٣٠
معرفة معنى المعان، قال جابر: فقلت سيدي ومولاي وفقني على اثبات التوحيد فهي معرفة الله الأزل القديم العلي العظيم الذي لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير وهو غيب باطن ليس يتدارك كما وصف نفسه عز وجل واما المعاني فنحن معانيه وظاهره فينا اختارنا من نور ذاته وفوض الينا امر عباده فنحن نفعل باذنه ما نشاء ونحن لا نشاء الا ما شاء الله وإذا أردنا أراد الله أحلنا الله هذا المحل واصطفانا من بين عباده وخصنا بهذه المنزلة الرفيعة السنية وجعلنا عينه على عباده وحجته في بلاده ووجه وآياته فمن انكر من ذلك شيئا ورده فقد رد على الله وأنبيائه وآياته ورسله، يا جابر من عرف الله بهذه الصفة فقد أثبت التوحيد لأن هذه الصفة موافقة لكتاب الله المنزل وهو قوله: (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير) وقوله في كتابه العزيز: (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) وقوله تعالى: (لا يسال عما يفعل وهم يسألون) يا جابر فإذا عرفت الله بهذه الصفة، ثم عرفت معانيه وإنهم من نور ذاته اختصهم الله بالفضل وأعزهم بالروح التي هي منه لم يطفأ بتلك الروح والنور الذي هو منه عزنا وأنت عارف خبير مستبصر كامل بالغ، قال جابر: انا لله ما أقل أصحابي، قال: هيهات يا جابر: أتدري كم على وجه الأرض من أصحابك، قلت: يا ابن رسول الله كنت أظن أن في كل بلدة ما بين المائة إلى المائتين وكل أقليم ما بين الألف إلى الألفين، لأنا كنا نظن أنهم أكثر من مائة الف في أطراف الأرض ونواحيها.
قال: يا جابر خاب ظنك وقصر رأيك أولئك هم المقصرة وليس من أصحابك قلت: يا ابن رسول الله ومن المقصرة قال الذين يقصرون عن معرفة الأئمة وعن معرفة ما فوض إليهم من روحه، قال جابر: من علي يا سيدي، قال: ان تعرف كل من خصه الله بالروح فقد فوض إليه أمره أن يخلق باذنه ويعلم ويخبر بما في الضمائر ويعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة وذلك أن هذه الروح من امر الله عز وجل خصه بهذه الروح وهو
(٢٣٠)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (2)، العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست