الناس عامتهم يشتغلون في أول النهار بالتجارات والمعاملات والذهاب في الحوائج وإقامة الأسواق، فأراد الله أن لا يشغلهم عن طلب معاشهم ومصلحة دنياهم وليس يقدر الخلق كلهم على قيام الليل ولا يشعرون به ولا يتنبهون لوقته لو كان واجبا ولا يمكنهم ذلك، فخفف الله عنهم ولم يكلفهم ولم يجعلها في أشد الأوقات عليهم، ولكن جعلها في أخف الأوقات عليهم كما قال الله عز وجل:
﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾ (6).
[4801] 12 - الحسن بن محمد الطوسي في (المجالس) بإسناد تقدم (1) في كيفية الوضوء قال: لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا وأمره أن يقرأه على أهل مصر ويعمل بما وصاه فيه - وذكر الكتاب بطوله إلى أن قال - وانظر إلى صلاتك، كيف هي؟ فإنك إمام لقومك، أن تتمها ولا تخففها فليس من إمام يصلي بقوم يكون في صلاتهم نقصان إلا كان عليه، لا ينقص من صلاتهم شئ، وتممها وتحفظ فيها يكن لك مثل أجورهم ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها، ولا تعجل بها قبله لفراغ، ولا تؤخرها عنه لشغل، فإن رجلا سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أوقات الصلاة؟
فقال: أتاني جبرئيل (عليه السلام) فأراني وقت الصلاة حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الأيمن، ثم أراني وقت العصر وكان ظل كل شئ مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس، ثم صلى العشاء الآخرة حين غاب الشفق، ثم صلى الصبح فأغلس بها والنجوم مشتبكة، فصل لهذه الأوقات، وألزم السنة المعروفة والطريق الواضح، ثم أنظر ركوعك وسجودك، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان أتم الناس صلاة، وأخفهم عملا فيها، واعلم أن كل شئ من عملك تبع لصلاتك، فمن ضيع الصلاة فإنه لغيرها أضيع.