شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٢٥٥
فنص (عليه السلام) على إدارة الأول دون الثاني فقط دفعا لتخصيصه بالثاني وإشارة إلى أكمل أفراده مع الايماء إلى أن الذكر اللساني بدون الذكر القلبي ذكر يثاب به. وقال بعض أرباب القلوب ذكر اللسان مع خلو القلب عنه لا يخلو من فائدة لأنه يمنعه من التكلم باللغو ويجعل لسانه معتادا بالخير، وقد يلقى الشيطان إليه أن حركة اللسان بدون توجه القلب عبث ينبغي تركه; فالائق بحال الذكر أن يحضره قلبه حينئذ رغما للشيطان ولو لم يحضره فالائق به أن لا يترك ذكر اللسان رغما لأنفه أيضا وأن يجيبه بأن اللسان آلة للذكر كالقلب ولا يترك أحدهما بترك الاخر فإن لكل عضو عبادة، وأعلم أن الذكر القلبي من أعظم علامات المحبة لأن من أحب أحدا ذكره دايما أو غالبا، وأن أصل الذكر عند الطاعة والمعصية سبب لفعل الطاعة وترك المعصية وهما سببان لزيادة الذكر ورسوخه، وهكذا يتبادلان إلى أن يستولى المذكور وهو الله سبحانه على القلب ويتجلى فيه.
فالذاكر حينئذ يحبه حبا شديدا ويغفل عن جميع ما سواه حتى عن نفسه إذ الحب المفرط يمنع من مشاهدة غير المحبوب وهذا المقام يسمونه مقام الفناء في الله، والواصل إلى هذا المقام لا يرى في الوجود إلا هو، وهذا معنى وحدة الوجود لا بمعنى أنه تعالى متحد مع الكل لأنه محال (1) وزندقة بل بمعنى أن الموجود في نظر الفاني هو لا غيره لأنه تجاوز عن عالم الكثرة وجعله وراء ظهره وغفل عنه فإنهم.

1 - قوله «لا بمعنى أنه تعالى متحد مع الكل لأنه محال» بل لم يقل به أحد ولا يمكن إن يتفوه به عاقل، وأعلم أن علماءنا رضي الله عنهم قد يذكرون أحكاما لأمور لا تنفق في الواقع ولا يتحقق إلا نادرا لمزيد التوضيح والبيان كما يذكرون أحكام الخنثى المشكل والمنجم الذي يعتقد الهوية الكواكب وتأثيرها في الحوادث بألوهيتها، مع إنهم يعلمون إنه لا يوجد بعد ظهور الإسلام في هذه الأمة منجم قائل بها وهكذا القائلون بوحدة الوجود في الأمة وفي كل أمة لا يعتقدون اثبات الممكنات وحلول ذات الواجب فيها بل لا يثبتون معه تعالى غيره حتى يحل الواجب في غيره فمرجع وحدة الوجود إلى إنكار الممكنات ونفي الكثرة لا إلى إثبات الكثرات والممكنات وحلول الواجب فيها ومعلوم إن إنكار الممكنات ليس كفرا نعم أن لم يفرض له معنى صحيح كان خرافي نظير مذهب السوفسطائية وإن أول بمعنى صحيح فهو حق وليس كل رأي بالطل خرافي كفرا وهذا البيت مشهور من الحلاج:
بين وبينك انييي ينارغنى * فارفع بلطفك انييي من البين وهذا صريح في إن اعتقادهم نفي شخصية الممكن عن نظره حتى لا يرى غيره تعالى لا نفي حقية الواجب مستهلكا في الممكنات وبعبارة أخرى الظاهر عند غريهم اثبات ممكن وواجب متغايرين متفاصلين مستقل أحدهما عن الاخر وأما الاتحاد وهو إرجاع الاثنين إلى الواحد فلا يتعقل إلا بنفي أحدهما لا محالة فإن نفي أحدهم استقلال الواجب وأثبت الممكن فهو كفر وإن نفي الممكن وأثبت الواجب فهو ليس بكفر وهذا مراد الشارح. (ش)
(٢٥٥)
مفاتيح البحث: الإنفاق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428