شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ١٠٨
باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) * الأصل:
1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور عنه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) الأنبياء المرسلون على أربع طبقات: فنبي منبا في نفسه، لا يعدو غيرها. ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة ولم يبعث إلى أحد وعليه إمام مثل ما كان إبراهيم على لوط (عليهم السلام). ونبي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك وقد ارسل إلى طائفة قلوا أو كثروا، كيونس، قال الله ليونس: (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) قال: يزيدون ثلاثين ألفا وعليه إمام والذي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو إمام مثل اولي العزم; وقد كان إبراهيم (عليه السلام) نبيا وليس بإمام حتى قال الله:
(إني جاعلك للناس إماما * قال ومن ذريتي)، فقال الله، (لا ينال عهدي الظالمين)، من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما.
* الشرح:
قوله: (الأنبياء والمرسلون) الأنبياء: جمع نبي بالهمزة أو بالياء المشددة، والأول: بمعنى الفاعل مأخوذ من نبأ: وهو الخبر سمي به لأنه مخبر عن الله تعالى ما أراد من الخلق. والثاني: فعيل بمعنى المفعول مأخوذ من النبوة: وهي ما ارتفع من الأرض سمي به لأنه مرفوع القدر مشرف على الخلائق والرسول أعلى مرتبة وأعظم درجة من النبي كما ستعرفه: فذكره بعد النبي من باب ذكر الخاص بعد العام.
قوله: (على أربع طبقات) بعضها فوق بعض كما قال جل شأنه (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا) ثم حصر الطبقات في الأربع لأنه لم يوجد غيرها لا لأنه لم يحتمل غيرها عقلا لأن الاحتمال العقلي زائد عليها (1).

١ - قوله: «لأن الاحتمال العقلي زائد عليها» والوجه أن المقصود ذكر طبقاتهم في الجملة كلية وإن كانت كل طبقة مشتملة على درجات عديدة، وبيان ذلك أن الإنسان وكل موجود مرتبط مع المبدأ الأعلى نحوا من الارتباط كما سبق في كتاب التوحيد «داخل في الأشياء لا بالممازجة خارج عنها لا بالمباينة».
والفرق بين الإنسان والموجودات الأخر أنه مرتبط بالمبدأ في شعوره وعقله لا في أصل وجوده فقط المشترك فيه مع كل شيء وله قوى عديدة يدرك بها وأظهرها السمع والبصر والعقل هي شديدة التوجه والالتفات إلى الدنيا وعالم المادة لأن الناس غالبا يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ولم يكن المصلحة في أن يفجر أمامه ويعاين عالم الغيب وهو بعد في جلبات الطبيعة إلا بمقدار أن يعترف بوجوده في الجملة ففتح الله تعالى من ذلك العالم على قلبه بابا في المنام ولكل نفس طريق منه إلى ذلك العالم يرى منه كشبح من بعيد يشتبه عليه حقيقته ويرى معه أمورا يحتمل منه خطأ كخطأ الحس ولا يميز بين حقه وباطله ولكن وسع الله على قلوب الأولياء غير الحجج حتى يطلعوا على أكثر مما يطلع عليه غالب الناس والاشتباه والشك عليهم أقل ويختلف مراتبهم كما يختلف مراتب غيرهم في كثرة الرؤيا الصالحة ووضوحها وليس صرف ارتباط قلوب الأولياء بل ولا الحجج مع عالم الغيب نبوة كلما اشتد وقوى وأمنوا من الغلط والاشتباه إلا أوحى إليهم الأمر والنهي سواء كان خاصا بأنفسهم أو بقومهم قليلا أو كثيرا أو لعامة الناس فقط أو لعامة الناس والأنبياء الذين يأتون بعدهم، وهذه مراتب ودرجات في الفضيلة ولا أفضلية.
ثم أن اتصالهم بعالم الغيب قد يكون بحيث يغلب حكم ذلك العالم على عقولهم فقط دون السمع والبصر لأن العقل لكونه أقرب إلى ذلك العالم لتجرده سريع الاتصال به وشديد الاستعداد له فيتصل بذلك العالم قبل سائر القوى فإن كان قويا جدا اتصل به في اليقظة وإن كان دونه اتصل به في المنام حيث لا يشغله سائر الحواس عن إدراك الباطن وقد يكون اتصالهم بعالم الغيب بحيث يغلب حكمه على العقل مع السمع وقد يتجاوز ذلك فيغلب على البصر أيضا فإن كان الغلبة على العقل فقط سمي إلهاما وقد اطلق عليه الوحي في القرآن وإن غلب مع ذلك على السمع سمع الصوت أيضا وإن غلب على البصر عاين الملك في اليقظة وهذه مراتب متفاضلة لا يمكن أن يغلب على البصر من غير أن يغلب على السمع في وقت أصلا أو يغلب على السمع من غير أن يغلب على العقل ولكن العكس ممكن بأن يغلب على العقل من غير أن يغلب على السمع ولا يمنع المرتبة العليا عن حصول المرتبة الدنيا كما لا يمنع كمال العلم في العلماء أن يعرفوا الكتابة والحروف والمقدمات ولذلك قد يتفق لأعاظم الأنبياء كإبراهيم (عليه السلام) أن يوحى إليهم في المنام قال الله تعالى (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه) والوحي: هو الإلقاء في القلب أعني الإلهام، ومن وراء حجاب: سماع الصوت من غير معاينة ملك أو يرسل رسولا من معاينة ملك، ولابد للعاقل أن يتفكر في هذه الآية وينصف من نفسه ويقايس بين القرآن وقول سائر فصحاء العرب وهل كان لأحد منهم أن يفرق بين وجوه الوحي بهذه الدقة والبيان اين كلام النبي (صلى الله عليه وآله) وكلام مسيلمة والأسود العنسي وغيرهما (ش).
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354