كتاب التمحيص - محمد بن همام الإسكافي - الصفحة ٧
جاء في الحديث عن المبتلين: " إذا نشرت الدواوين، ونصبت الموازين، لم ينصب لأهل البلاء ميزان، ولم ينشر لهم ديوان " 1 " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " 2.
فالصبر مطية النجاة، وقد ذهب الصابرون المتقون بعاجل الدنيا وآجل الآخرة " تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا " 3، والعكس صحيح كما جاء في حديث أمير المؤمنين عليه السلام: " ان جعلت دينك تبعا لدنياك، أهلكت دينك ودنياك وكنت في الآخرة من الخاسرين " 4، فما قدمت فلا تجازى إلا به، وما أخرت فللوارثين، ولا تخرج من دنياك إلا صفر اليدين، قد أثقلت ظهرك بالأوزار الثقال، التي تنوء بها كالجبال.
وكتاب التمحيص هذا يكشف لك آفاقا روحية جديدة، تزيدك إيمانا واطمئنانا، بأن الدار الآخرة لهي الحيوان، وقد استقى مؤلفه أخباره من عين صافية، لا شوب فيها ولا لاغية، إنما هي من معين الرسول صلى الله عليه وآله، ومنهل أبناء فاطمة البتول عليهم السلام، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فأقوالهم كقلائد العقيان، على جيد الزمان، بل كأقراط الحسان، تقلدتها القيان، فتبصرنا لآليهم حقيقة الوجود، وما يمنح الموجود، وما أعد الله للمؤمنين الصابرين في دار الخلود، فطوبى لمن نال من الله الرضوان، وهرب من لهيب النيران، بالصبر والقناعة وإطاعة الديان، وطوبى لمن لبى دعوة ربه، واستيقن بلقاء محمد وحزبه، فطابت نفسه وقرت عينه بهذا الاطمئنان، " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي " 5.

(١) مجمع البيان ج ٨ / ٤٩٢، البحار ٨٢ / ١٤٥ ح ٣١ (٢) الزمر ٣٩ / ١٠ (٣) مريم ١٩ / ٦٣ (٤) غرر الحكم ص ١٢٣ س ١٩.
(٥) الفجر ٨٩ / 27 - 30
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست