أما الأول فاتفق الكل عليه.
وأما الثاني فانفرد بتصحيحه مسلم.
وخرج الترمذي وأبو داود والنسائي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ما أسكر كثيره فقليله حرام ".
وهو نص في موضع الخلاف.
وأما الاستدلال الثاني من أن الأنبذة كلها تسمى خمرا فلهم في ذلك طريقتان:
إحداهما من جهة إثبات الأسماء بطريق الاشتقاق، والثاني من جهة السماع.
فأما التي من جهة الاشتقاق، فإنهم قالوا: إنه معلوم عند أهل اللغة أن الخمر إنما سميت خمرا لمخامرتها العقل، فوجب لذلك أن ينطلق اسم الخمر لغة على كل ما خامر العقل.
وهذه الطريقة من إثبات الأسماء فيها اختلاف بين الأصوليين وهي غير مرضية عند الخرسانيين.
وأما الطريقة الثانية التي من جهة السماع فإنهم قالوا: إنه وإن لم يسلم لنا بأن الأنبذة تسمى في اللغة خمرا فإنها تسمى خمرا شرعا. واحتجوا في ذلك بحديث ابن عمر المتقدم وبما روي أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة ".
وما روي أيضا عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن من العنب خمرا، وإن من العسل خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن الحنطة خمرا... وأنا أنها كم عن كل مسكر ".
فهذه هي عمدة الحجازيين في تحريم الأنبذة.
وأما الكوفيون فإنهم تمسكوا لمذهبهم بظاهر قوله تعالى:
" ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا. " (1)