وروى البيهقي عن خارجة بن زيد، عن أبيه، وأخرجه أيضا عن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء الذين ينتهى إلى أقوالهم من أهل المدينة أنهم كانوا يقولون: " لا ينبغي لاحد أن يقيم شيئا من الحدود دون السلطان، إلا أن للرجل أن يقيم حد الزنا على عبده أو أمته ".
وذهب جماعة من السلف، منهم الشافعي، إلى أن السيد يقيم الحد على مملوكه، واستدلوا بما روي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أن خادمة النبي صلى الله عليه وسلم أحدثت، فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أقيم عليها الحد، فأتيتها فوجدتها لم تجف من دمها فأتيته فأخبرته، فقال:
" إذا جفت من دمها فأقم عليها الحد، أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ". رواه أحمد وأبو داود، ومسلم، والبيهقي، والحاكم.
وقال أبو حنيفة يرفعه المولى للسلطان. ولا يقيمه هو بنفسه.
مشروعية التستر في الحدود:
قد يكون ستر العصاة علاجا ناجعا للذين تورطوا في الجرائم واقترفوا المآثم، وقد ينهضون بعد ارتكابها فيتوبون توبة نصوحا، ويستأنفون حياة نظيفة.
لهذا شرع الاسلام التستر على المتورطين في الآثام، وعدم التعجيل بكشف أمرهم.
عن سعيد بن المسيب قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أسلم يقال له هزال، وقد جاء يشكو رجلا بالزنا، وذلك قبل أن ينزل قوله تعالى:
" والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " (1).
" يا - هزال - لو سترته بردائك كان خيرا لك ".