ويرى أبو حنيفة وأبو يوسف: أن المرأة العاقلة البالغة لها الحق في مباشرة العقد لنفسها. بكرا كانت أو ثيبا. ويستحب لها أن تكل عقد زواجها لوليها.
صونا لها عن التبذل إذا هي تولت العقد بمحضر من الرجال الأجانب عنها.
وليس لوليها العاصب (1) حق الاعتراض عليها، إلا إذا زوجت نفسها من غير الكفء أو كان مهرها أقل من مهر المثل.
فإن زوجت نفسها بغير كف ء، وبغير رضا وليها العاصب، فالمروي عن أبي حنيفة وأبي يوسف، والمفتى به في المذهب عدم صحة زواجها، إذ ليس كل ولي يحسن المرافعة، ولاكل قاض يعدل، فأفتوا بعدم صحة الزواج سدا لباب الخصومة.
وفي رواية أن للولي حق الاعتراض بأن يطلب من الحاكم التفريق، دفعا لضرر العار ما لم تلد من زوجها، أو تحبل حبلا ظاهرا، فإنه حينئذ يسقط حقه في طلب التفريق لئلا يضيع الولد، ومحافظة على الحمل من الضياع.
وإن كان الزوج كفئا، وكان المهر أقل من مهر المثل فإن من حق الولي أن يطالب بمهر مثلها، فإن قبل الزوج لزم العقد، وإن رفض رفع الامر للقاضي ليفسخه.
وإن لم يكن لها ولي عاصب. بأن كانت لا ولي لها أصلا، أولها ولي غير عاصب، فلاحق لاحد في الاعتراض على عقدها. سواء زوجت نفسها من كف ء أو غير كف ء، بمهر المثل، أو أقل، لان الامر في هذه الحالة يرجع إليها وحدها، وأنها تصرفت في خالص حقها، وليس لها ولي يناله العار لزواجها من غير كف ء، ومهر مثلها قد سقط بتنازلها عنه.
واستدل جمهور الأحناف بما يأتي:
1 - قول الله تعالى: " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره (2) ".
2 - وقوله سبحانه: " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن (3) ".