الحديث، وهذا قول الليث وإسحاق والشافعي وأبي عبيد وأبي ثور، وذهب مالك وبعض الشافعية إلى أن الواجب صاع من قوت البلد لأن في بعض الأحاديث " ورد معها صاعا من طعام " وفي بعضها " ورد معها مثل أو مثلي لبنها قمحا " فجمع بين الأحاديث وجعل تنصيصه على التمر لأنه غالب قوت البلد في المدينة لأنه غالب قوت بلد آخر، وقال أبو يوسف يرد قيمة اللبن لأنه ضمان متلف فيقدر بقيمته كسائر المتلفات وحكي ذلك عن ابن أبي ليلى، وحكي عن زفر أنه يرد صاعا من تمر أو نصف صاع بر كقولهم في الفطرة. ولنا الحديث الصحيح الذي أوردناه وقد نص فيه على التمر فقال " ان شاء ردها وصاعا من تمر " وللبخاري " من اشترى غنما مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها وان سخطها ففي حلبها صاع من تمر " ولمسلم " ردها ورد صاعا من تمر لا سمرا " يعني لا يرد قمحا والمراد بالطعام في الحديث التمر لأنه مطلق في أحد الحديثين مقيد في الآخر في قضية واحدة، والمطلق فيما هذا سبيله يحمل على المقيد وحديث ابن عمر في روايته جميع بن عمير التيمي قال ابن نمير هو من اكذب الناس، وقال ابن حبان كان يضع الحديث مع أن الحديث متروك الظاهر بالاتفاق إذ لا قائل بايجاب مثل لبنها أو مثلي لبنها قمحا ثم قد شك فيه الراوي مع مخالفة الحديث الصحيح فلا يعول عليه، وقياس أبي يوسف مخالف للنص فلا يقبل ولا يبعد أن يقدر الشارع بدل هذا المتلف قطعا للخصومة والتنازع كما قدر دية الآدمي ودية أطرافه، ولا يمكن حمل الحديث على أن الصاع كان قيمة اللبن، فلذلك أوجبه لوجوه ثلاثة (أحدها) أن القيمة هي الأثمان لا التمر (الثاني) أنه أوجب في المصراة من الإبل والغنم جميعا صاعا من تمر مع اختلاف لبنها (الثالث) أن لفظه للعموم فيتناول كل مصراة ولا يتفق أن تكون قيمة لبن كل مصراة صاعا وان أمكن أن يكون كذلك فيتعين ايجاب الصاع لأنه القيمة التي عين الشارع ايجابها فلا يجوز العدول عنها، ويجب أن يكون صاع التمر جيدا غير معيب لأنه واجب باطلاق الشارع فينصرف إلى ما ذكرناه كالصاع الواجب في الفطرة، ويكفي فيه أدنى ما يقع عليه اسم الجيد، ولا فرق بين أن تكون قيمة التمر أقل من قيمة الشاة أو أكثر أو مثلها نص عليه وليس فيه جمع بين البدل والمبدل لأن التمر بدل اللبن قدره الشارع به كما قدر في يدي العبد قيمته وفي يديه ورجليه قيمته مرتين مع بقاء العبد على ملك السيد، وان عدم التمر في موضعه فعليه قيمته في موضع العقد لأنه بمنزلة عين أتلفها فيجب عليه قيمتها (فصل) ولا فرق بين الناقة والبقرة والشاة فيما ذكرنا، وقال داود لا يثبت الخيار بتصرية البقرة لأن الحديث " لا تصروا الإبل والغنم " فدل على أن ما عداهما بخلافهما ولان الحكم ثبت فيهما بالنص، والقياس لا تثبت به الأحكام. ولنا عموم قوله " من اشترى مصراة ومن ابتاع محفلة " ولم يفصل والخبر فيه تنبيه على تصرية البقر لأن لبنها أكثر وأنفع فيثبت بالتنبيه وهو حجة عند الجميع (فصل) إذا اشترى مصراتين أو أكثر في عقد فردهن رد مع كل مصراة صاعا وبه قال الشافعي وبعض المالكية، وقال بعضهم في الجميع صاع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من
(٨٢)