{مسألة} (وهل لغير المأذون له الصدقة من قوته بالرغيف ونحوه إذا لم يضربه؟ على روايتين) (إحداهما) ليس له ذلك لأن المال لسيده وإنما أذن له في الاكل فلم يملك الصدقة به كالضيف ولا يتصدق بما أذن له في أكله (والثانية) يجوز لأنه مما جرت العادة بالمسامحة فيه والاذن عرفا فجاز كصدقة المرأة من بيت زوجها {مسألة} (وهل للمرأة الصدقة من بيت زوجها بغير اذنه بنحو ذلك؟ على روايتين) (إحداهما) يجوز لأن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها اجرها وله مثله بما كسب ولها بما أنفقت وللخازن مثل ذلك من غير أن ينقص من أجورهم شئ " ولم يذكر اذنا، وعن أسماء انها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: ليس لي شئ الا ما ادخل علي الزبير فهل علي جناح ان ارضخ مما يدخل علي. قال: " ارضخي ما استطعت ولا توعي فيوعي الله عليك " متفق عليهما. وروي ان امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله:
إنا كل على أزواجنا وأبنائنا فما يحل لنا من أموالهم؟ قال " الرطب تأكلينه وتهدينه " ولان العادة السماح بذلك وطيب النفس به فجرى مجرى صريح الاذن كما أن تقديم الطعام بين يدي الاكلة قام مقام صريح الاذن في أكله (والثانية) لا يجوز لما روى أبو أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا تنفق المرأة شيئا من بيتها الا باذن زوجها " قيل يا رسول الله ولا الطعام قال " ذاك أفضل أموالنا " رواه سعيد في سننه وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه " وقال " ان الله حرم بينكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " ولأنه تبرع بمال غيره بغير اذنه فلم يجز كغير الزوجة، والصحيح الأول لأن الأحاديث فيه خاصة صحيحة والخاص يقدم على العام ويثبته ويعرف ان المراد بالعام الصورة المخصوصة والحديث الخاص للرواية الثانية ضعيف ولا يصح قياس امرأة على غيرها لأنها بحكم العادة تتصرف في مال زوجها وتتبسط فيه وتتصدق منه لحضورها وغيبته والاذن العرفي يقوم مقام الاذن الحقيقي فصار كأنه قال لها افعلي هذا. فأما ان منعها ذلك وقال لا تتصدقي بشئ ولا تتبرعي من مالي بقليل ولا كثير لم يجز لها ذلك لأن المنع الصريح نفي الاذن العرفي وكذلك لو كانت امرأته ممنوعة من التصرف في بيت زوجها كالذي يطعمها بالفرض ولا يمكنها من طعامه فهو كما لو منعها بالقول فإن كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته كجاريته وأخته وغلامه المتصرف في بيت سيده وطعامه فهو كالزوجة فيما ذكرنا لوجود المعنى فيه والله أعلم (تم طبع الجزء الرابع بعون الله ويليه الجزء الخامس بمشيئته وأوله (كتاب الصلح)