ولنا أنه أمر خص الله تعالى به أحد الصنفين فكان دليلا عليه كالبول من ذكره أو من قبله ولأنه أنزل الماء الدافق لشهوة فوجب عليه الغسل لقوله عليه السلام " الماء من الماء " وبالقياس على من تثبت له الذكورية أو الأنوثية.
(فصل) فإن كان الواطئ أو الموطوء صغيرا فقال أحمد: يجب عليهما الغسل وقال إذا أتى على الصبية تسع سنين ومثلها يوطأ وجب عليها الغسل. وسئل عن الغلام يجامع مثله ولم يبلغ فجامع المرأة يكون عليهما جميعا الغسل؟ قال نعم. قيل له أنزل أو لم ينزل؟ قال نعم. وقال ترى عائشة حين كان يطؤها النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن تغتسل ويروى عنها: إذا التقى الختانان وجب الغسل. وحمل القاضي كلام أحمد على الاستحباب وهو قول أصحاب الرأي وأبي ثور لأن الصغيرة لا يتعلق بها المأثم ولا هي من أهل التكليف ولا تجب عليها الصلاة التي تجب الطهارة لها فأشبهت الحائض ولا يصح حمل كلام أحمد على الاستحباب لتصريحه بالوجوب وذمه قول أصحاب الرأي. وقوله هو قول سوء.
واحتج بفعل عائشة وروايتها للحديث العام في الصغير والكبير، ولأنها أجابت بفعلها وفعل النبي صلى الله عليه وسلم بقولها فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا فكيف تكون خارجة منه وليس معنى وجوب الغسل في الصغير التأثيم بتركه بل معناه أنه شرط لصحة الصلاة والطواف وإباحة قراءة القرآن واللبث في المسجد وإنما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخر الواجب بتركه ولذلك لو أخره في غير وقت الصلاة لم يأثم والصبي لا صلاة عليه فلم يأثم بالتأخير وبقي في حقه شرطا كما في