حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ١٨٣
كل دين دون العين. وأما خاصة بعين فتصح لنفي الضمان لا الدعوى فيدعي بها على المخاطب وغيره، وإن كان عن دعواها فهو صحيح. ثم إن الابراء لشخص مجهول لا يصح، وإن لمعلوم صح ولو بمجهول، فقوله قبضت تركة مورثي كلها أو كل من لي عليه شئ أو دين فهو برئ ليس إبراء عاما ولا خاصا، بل هو إقرار مجرد لا يمنع من الدعوى لما في المحيط قال: لا دين لي على أحد ثم ادعى على رجل دينا صح لاحتمال وجوبه بعد الاقرار، وفيه أيضا: وقوله هو برئ مما لي عنده إخبار عن ثبوت البراءة لا إنشاء. وفي الخلاصة: لا حق لي قبله فيدخل فيه كل عين ودين وكفالة وإجارة وجناية وحد ا ه‍. وفي الأصل: فلا يدعي إرثا ولا كفالة نفس أو مال ولا دينا أو مضاربة أو شركة أو وديعة أو ميراثا أو دارا أو عبدا أو شيئا إلا شيئا حادثا بعد البراءة ا ه‍. فما في شرح المنظومة (1) عن المحيط: أبرأ أحد الورثة الباقي ثم ادعى التركة وأنكر وإلا تسمع دعواه، وإن أقروا بالتركة أمروا بالرد عليه اه‍. ظاهر فيما إذا لم تكن البراءة عامة لما علمته، ولما سنذكر أنه لو أبرأه عاما ثم أقر بعده بالمال المبرأ به لا يعود بعد سقوطه. وفي العمادية: قال ذو اليد: ليس هذا لي وليس ملكي أو لا حق لي فيه أو نحو ذلك ولا منازع له حينئذ، ثم ادعاه أحد فقال ذو اليد هو لي فالقول له، لان الاقرار لمجهول باطل، والتناقض إنما يمنع إذا تضمن إبطال حق على أحد اه‍. ومثله في الفيض وخزانة المفتين، فبهذا علمت الفرق بين أبرأتك أو لا حق لي قبلك وبين قبضت تركة مورثي أو كل من لي عليه دين، فهو برئ ولم يخاطب معينا، وعلمت بطلان فتوى بعض أهل زماننا بأن إبراء الوارث وارثا آخر إبراء عاما لا يمنع من دعوى شئ من التركة، وأما عبارة البزازية: أي التي قدمناها فأصلها معزو إلى المحيط، وفيه نظر ظاهر. ومع ذلك لم يقيد الابراء بكونه لمعين أو لا، وقد علمت اختلاف الحكم في ذلك ثم إن كان المراد به اجتماع الصلح المذكور في المتون والشروح في مسألة التخارج مع البراءة العامة لمعين فلا يصح أن يقال فيه لا رواية فيه، كيف وقد قال قاضيخان: اتفقت الروايات على أنه لا تسمع الدعوى بعده إلا في حادث، وإن كان المراد به الصلح والابراء بنحو قوله: قبضت تركة مورثي ولم يبق لي فيها حق إلا استوفيته، فلا يصح قوله لا رواية فيه أيضا لما قدمناه من النصوص على صحة دعواه بعده، واتفقت الروايات على صحة دعوى ذي اليد المقر بأن لا ملك له في هذا العين عند عدم المنازع. والذي يتراءى أن المراد من تلك العبارة الابراء لغير معين مع ما فيه، ولو سلمنا أن المراد به المعين وقطعنا النظر عن اتفاق الروايات على منعه من الدعوى بعده فهو مباين لما في المحيط عن المبسوط والأصل والجامع الكبير ومشهور الفتاوى المعتمدة كالخانية والخلاصة، فيقدم ما فيها ولا يعدل عنها إليه، وأما ما في الأشباه والبحر عن القنية: افترق الزوجان وأبرأ كل صاحبه عن جميع الدعاوي وللزوج أعيان قائمة لا تبرأ المرأة منها وله الدعوى، لان الابراء إنما ينصرف إلى الديون لا الأعيان اه‍. فمحمول على حصوله بصيغة خاصة كقوله أبرأتها عن جميع الدعاوي مما لي عليها فيختص بالديون فقط كونه مقيدا بما لي عليها ويؤيده التعليل، ولو بقي على

(1) قوله: (فما في شرح المنظومة الخ) قال شيخنا: لا حاجة إلى هذا الحمل بل الحكم كذلك ولو كانت البراءة هامة، إذ غاية ما في البراءة العامة منع الدعوى في الأعيان لكن لا تصير العين بها ملكا للمبرإ فلو أقر بها يؤمر بالدفع بخلاف الدين فإنه يملك بالبراءة فلا يؤمر بالدفع لو أقر ومنع المبرأ من الدعوى لا ينافي أمر المقر بالدفع. الا ترى ان من منع من سماع الدعوى لطول المدة لو أقر خصمه بالمدعى فإنه يؤمر بالدفع ا ه‍.
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754