قلت: قصد الشارح ذكر عبارة البحر بتمامها مع أن المصنف لم يصرح بخيار الغاصب، بل نفى خيار المالك ولا تلازم بينهما، على أن في ثبوت الخيار للغاصب في مسألة المتن كلاما سنذكره، فافهم.
قوله: (ودفع قيمته) أي إن لم يكن دفعها. قوله: (وأخذ القيمة) أي إن كان دفعها. قوله: (وهي من خواص كتابنا) قد ذكرنا سابقا أن ذلك من كلام صاحب المحيط من جملة المنقول قبله، ووجه الخصوصية تضمنها ورود اليمين على المدعي، فإنه لم يشتهر في الكتب، فافهم. قوله: (على الأصح) راجع لقوله أو مثله أو دونه وهو ظاهر الرواية، لأنه لم يتم رضاه حيث لم يعط ما يدعيه والخيار لفوات الرضا، خلافا لقول الكرخي: إنه لا خيار له. هداية. قوله: (فالأولى ترك قوله وهي أكثر) أو يفعل كما فعل القدوري وصاحب الكنز والملتقى حيث قدموا ذكر المسألة الثانية على الأولى، وجعل بعض الشراح ذلك قيدا للسابقة فقط، ولكن الأولى كما قال الشارح تبعا للقهستاني فإنه ليس قيدا فيهما.
قوله: (وقد ضمن بقوله) أي الغاصب مع يمينه. قوله: (أخذه المالك) وللغاصب حبسه حتى يأخذ ما دفعه. زيلعي. قوله: (ولا خيار للغاصب إلخ) فيه رد على ما بحثه في اليعقوبية بأنه على التعليل بعدم رضا المالك ينبغي ثبوت الخيار للغاصب لو قيمته أقل لعدم رضاه أيضا ولذا قال: ولو قيمته أقل، فافهم. قوله: (للزوم بإقراره) أقول: ولأنه ظالم بغصبه وتغييبه، لان تمام ملكه كان متوقفا على رضا المغصوب منه وقد وجد. تأمل. قوله: (أو نكول الغاصب) أي عن الحلف بأن القيمة ليست كما يدعي المالك. شرنبلالية. قوله: (فهو له ولا خيار للمالك) وكذا لا خيار للغاصب لرضاه حيث أقدم على الغصب. رحمتي. وذكر ط أن له الخيار أخذا من قوله في الأولى: ولا خيار للغاصب بطريق الإشارة اه.
وأقول: قد راجعت كثيرا فلم أظفر بصريح النقل في ذلك، والذي يقتضيه النظر ما قاله الرحمتي، فإن الغاصب ظالم بالغصب وبالتغييب عن المالك، فإصراره على ذلك دليل الرضا، وحيث كان ظالما لا يراعي جانبه يدل عليه اقتصارهم على بيان الخيار في المسألتين من جانب المالك فقط لكونه مظلوما، ولذا قال الإتقاني في تعليل خيار المالك في الأولى: لأنه كالمكره على نقل حقه من العين إلى بدل لم يرض به، والمكره يثبت له الخيار في الفسخ اه.
وقول المصنف كغيره، فهو له ظاهر في عدم الخيار له لان ملكه كان موقوفا على رضا المالك وقد وجد، ولا سيما فيما إذا كان نكل فإن النكول إقرار. وأما ثبوت الخيار له في المسألة السابقة عن البحر والجواهر فلا يدل على ثبوته هنا، لاختلاف موضوعهما، ولأنه ظهر صدقه في يمينه الذي حلفه ولم يرض بقول المالك ولم يقم عليه برهان ولم ينكل عن اليمين، بخلاف هذه المسألة في جميع ما ذكر، وبالجملة فإثبات الخيار له حكم شرعي يحتاج للنقل، فليراجع. قوله: (فضمنه المالك) قيد بتضمين المالك احترازا عما لو باعه الغاصب فباعه المالك من الغاصب أو وهبه له أو مات المالك والغاصب وارثه،