حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٢٩٥
فرغ وسلمه) اعلم أن أبا حنيفة كان أولا يقول: لا يجب شئ من الأجرة ما لم يستوف جميع المنفعة والعمل، لأنه المعقود عليه فلا يتوزع الاجر على الاجزاء كالثمن في المبيع، ثم رجع فقال: إن وقعت الإجارة على المدة كما في إجارة الدار والأرض أو قطع المسافة كما في الدابة وجب بحصة ما استوفى لو له أجرة معلومة بلا مشقة ففي الدار لكل يوم وفي المسافة لكل مرحلة. والقياس أن يجب في كل ساعة بحسابه تحقيقا للمساواة، لكن فيه حرج، وإن وقعت على العمل كالخياطة والقصارة فلا يجب الاجر ما لم يفرغ منه فيستحق الكل لان العمل في البعض غير منتفع به، وكذا إذا عمل في بيت المستأجر ولم يفرغ لا يستحق شيئا من الأجرة على ما ذكره صاحب الهداية والتجريد.
وذكر في المبسوط و الفوائد الظهيرية والذخيرة ومبسوط شيخ الاسلام وشرح الجامع لفخر الاسلام وقاضيخان والتمرتاشي أنه إذا خاط البعض في بيت المستأجر يجب الاجر بحسابه، حتى إذا سرق الثوب بعد ما خاط بعضه استحق ذلك. فهذا يدل على أنه يستحق الاجر ببعض العمل في كل ما مر، لكن بشرط التسليم إلى المستأجر، ففي سكنى الدار وقطع المسافة صار مسلما بمجرد تسليم الدار وقطع المسافة في الخياطة بالتسليم حقيقة أو حكما كأن خاطه في منزل المستأجر لان منزله في يده. زيلعي ملخصا.
وحاصله: أنهم اتفقوا على قول أبي حنيفة أنه لا يجب الاجر على البعض بلا تسليم أصلا، وأما مع التسليم فيجب الاجر على البعض في سكنى الدار وقطع المسافة.
واختلفوا على قوله في الاستئجار على العمل كالخياطة، فالأكثرون على أنه يجب أيضا بالتسليم، ولو حكما، وخالفهم صاحبا الهداية والتجريد فقالا: لا يجب. قال الزيلعي: وهو الأقرب إلى المروي عن أبي حنيفة من الفرق بينهما في القول المرجوع إليه، وعلى ما ذكروه لا فرق بين الكل اه‍. وبه ظهر أن تقييد المصنف بالفراغ والتسليم مبني على ما في الهداية، والتسليم يشمل الحقيقي والحكمي وهو ما عبر عنه بقوله: وإن عمل في بيت المستأجر فلو قال: ولو حكما لكان أخصر وأظهر، ولا معنى لقول من قال: لا معنى له، فافهم. قوله: (وكذا كل من لعمله أثر) أي في أنه لو هلك في يده لا أجر له، وسيذكر الشارح بعد ورقة المراد بالأثر. قوله: (نعم لو سرق الخ) هذا مبني على قول الأكثرين من وجوب الاجر على بعض العمل بالتسليم ولو حكما، وأراد به الاستدراك على المصنف، بما ذكره في البحر، حيث قال: وتبعه العلامة الطوري وتلميذه المصنف في شرحه مسألة البناء منصوص عليها في الأصل أنه يجب الاجر بالبعض لكونه مسلما إلى المستأجر، ونقله الكرخي عن أصحابنا، وجوم به في غاية البيان رادا على الهداية فكان هو المذهب ولذا اختاره المصنف: أي صاحب الكنز في المستصفى وإن كانت عبارته هنا مطلقة اه‍. فلكلام الشارح وجه وجبه كما علمت وإن كان فيه خفاء، فافهم.
لكن في كون ما في الهداية خلاف المذهب تأمل يظهر مما مر عن الزيلعي، فلو جعله خلاف الأصح لكان أنسب. تأمل. قوله: (بعد ما خاط بعضه) يعني في بيت المستأجر، فلو في بيت الأجير لا أجر له اتفاقا لعدم التسليم أصلا. قوله: (أو انهدم ما بناه) أي قبل الفراغ منه. قوله: (قبل أن يقبضه رب الثوب)
(٢٩٥)
مفاتيح البحث: البيع (1)، الهلاك (1)، السرقة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754