حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ١٩
نظر يظهر لمن له نظر، فتأمل: أي في التقييد بقوله: بحرفه لائقة الخ ووجهه أنهم جعلوا العبرة للعدالة لا للحرفة، فكم من دنئ صناعة أنقى من ذي منصب ووجاهة، على أن الغالب أنه لا يعدل عن حرفة أبيه إلى أدنى منها إلا لقلة ذات يده أو صعوبتها عليه، ولا سيما إذا علمه إياها أبوه أو وصيه في صغره ولم يتقن غيرها فتأمل. وفي حاشية أبي السعود: فيه نظر لأنه مخالف لما قدمه هو قريبا من أن صاحب الصناعة الدنيئة كالزبال والحائك مقبول الشهادة إذا كان عدلا في الصحيح اه‍.
قلت: ويدفع بأن مراده أن عدوله عن حرفة أبيه إلى أدنى منها دليل على عدم المروءة، وإن كانت حرفة أبيه دنيئة، فينبغي أن يقال هو كذلك إن علا بلا عذر. تأمل. قوله: (من أعمى) إلا في رواية زفر عن أبي حنيفة فيما يجزي فيه التسامع، لان الحاجة فيه إلى السماع ولا خلل فيه باقاني على الملتقى.
كذا في الهامش. قوله: (أي لا يقضي بها) خلافا لأبي يوسف فيما إذا تحمله بصيرا فإنها تقبل لحصول العلم بالمعاينة، والأداء يختص بالقول ولسانه غير موف والتعريف يحصل بالنسبة كما في الشهادة على الميت. ولنا أن الأداء يفتقر إلى التمييز بالإشارة بين المشهود له والمشهود عليه، ولا يميز الأعمى إلا بالنغمة، وفيه شبهة يمكن التحرز عنها يحبس الشهود والنسبة لتمييز الغائب دون الحاضر وصار كالحدود والقصاص اه‍. باقاني على الملتقى. كذا في الهامش. قوله: (بالسماع) كالنسب والموت.
قوله: (خلافا للثاني) أي فيهما، واستظهر قوله بالأول صدر الشريعة فقال: وقوله أظهر، لكن رده في اليعقوبية بأن المفهوم من سائر الكتب عدم أظهريته. وأما قوله بالثاني فهو مروي عن الامام أيضا. قال في البحر: واختاره في الخلاصة، ورده للرملي بأنه ليس في الخلاصة ما يقتضي ترجيحه واختياره.
قوله: (بالأولى) لان في الأعمى إنما تتحقق التهمة في نسبته وهنا تتحقق في نسبته وغيرها من قدر المشهود به وأمور أخر. كذا في الفتح ونقل أيضا عن المبسوط أنه بإجماع الفقهاء لان لفظ الشهادة لا يتحقق منه. وتمامه فيه. قوله: (ولو مكاتبا) والعتق في المرض كالمكاتب في زمن السعاية عند أبي حنيفة، وعندهما حر مديون.
تنبيهات: مات عن عم وأمتين وعبدين فأعتقهما العم فشهدا ببنوة أحدهما بعينها: أي أنه أقربها في صحته لم تقبل عنده، لان في قبولها ابتداء بطلانها انتهاء لان معتق البعض كمكاتب لا بقبل شهادته عنده لا عندهما ولو شهدا أن الثانية أخت الميت قبل شهادة الأولى أو بعدها، أو معها لا تقبل بالاجماع، لأنا لو قبلنا لصارت عصبة مع البنت فيخرج العم عن الوراثة، بحر عن المحيط.
أقول هذا ظاهر عند وجود الشهادتين، وأما عند سبق شهادة الأختية فالعلة فيها هي علة البنتية فتفقه. وفي المحيط: مات عن أخ لا يعلم له وارث غيره فقال عبدان من رقيق الميت إنه أعتقنا في صحته وإن هذا الآخر ابنه فصدقهما الأخ في ذلك لا تقبل في دعوى الاعتاق لأنه أقر بأنه لا ملك له فيهما بل هما عنده للآخر لاقرار الأخ إنه وارث دونه فتبطل شهادتهما في النسب، ولو كان مكان الآخر أنثى جاز شهادتهما وثبت نسبها ويسعيان في نصف قيمتهما لأنه أقر أن حقه في نصف الميراث فصح بالعتق لأنه لا يتجزأ عندهما، إلا أن العتق في عبد مشترك فتجب السعاية للشريك الساكت. وأقول: عند (أبي حنيفة) يعتقان كما قالا، غير أن شهادتهما بالبنتية لم تقبل لان معتق البعض لا تقبل شهادته فتفقه.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754