البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤٤٠
والعهد والبيع فانعقد اه‍. فإن قلت: فما معنى قولهم البيع ينعقد وكذا أمثاله فإن المعنى العقد ينعقد؟ قلت: المعنى العقد الشرعي الخاص يثبت بالايجاب والقبول. وفي القاموس:
عقد الحبل والبيع والعهد يعقده شده. وفي تفسير الفخر الرازي: العقد وصل الشئ بالشئ على سبيل الاستثبات والاستحكام اه‍. وفي تفسير القاضي: وأصل العقد الجمع بين الشيئين بحيث يعسر الانفصال بينهما اه‍. والعقد شرعا على ما في التوضيح ربط القبول بالايجاب.
وأما حمل كلام المستصفى على الحكم الذي هو الملك فليس بظاهر لأنه قال: البيع عبارة عن أثر شرعي يظهر في المحل عند الايجاب والقبول حتى يكون العاقد قادرا على التصرف اه‍.
ولا يصح حمله عليه لأن الحكم لا يظهر عندهما إنما يظهر بهما عقيبهما لأن حكم الشئ يعقبه، ولأنه جعل القدرة على التصرف غاية لذلك الأثر والقدرة هي الملك فلا يصح أن يراد بذلك الأثر الملك لأن المغيا غير الغاية فافهم هذا التقرير فإنه دقيق. والايجاب لغة الالتزام والاثبات، وفي الفقه في المعاملات ما يذكر أولا من كلام المتعاقدين الدال على الرضا، وسمي به لأنه يثبت خيار القبول للآخر، وسواء وقع من البائع كبعت، أو من المشتري كأن يبدأ المشتري. والقبول في اللغة من قبلت العقد أقبله - من باب تعب - قبولا بالفتح، والضم لغة حكاها ابن الاعرابي، كذا في المصباح. وفي الفقه: اللفظ الصادر ثانيا الواقع جوابا للأول ولذا سمي قبولا، هكذا عرفه الجمهور وخالفهم في فتح القدير فعرفه بأنه الفعل الصادر ثانيا قال: وإنما قلنا بأنه الفعل الأعم منه ومن القبول فإن من الفروع ما لو قال كل هذا الطعام بدرهم فأكله تم البيع وأكله حلال، والركوب واللبس بعد قول البائع اركبها بمائة وألبسه بكذا رضا بالبيع، وكذا إذا قال بعته بألف فقبضه ولم يقل شيئا كان قبضه قبولا بخلاف بيع التعاطي فإنه ليس فيه إيجاب بل قبض بعد معرفة الثمن فقط، ففي جعل مسألة القبض بعد قوله بعتك بألف من صور التعاطي كما فعل بعضهم أي في غاية البيان نظر كما لا يخفى اه. ولا حاجة إلى تغيير كلام القوم وما ذكره من الفروع إنما هو من باب أن القبول يقوم مقامه فعل ولهذا قال في الخانية: يقوم القبض مقام القبول. وفي التتارخانية: اشتريت طعامك هذا بألف فتصدق به ففعل في المجلس ولم يتكلم جاز وإن تفرقا لا. وقيد اللزوم بالايجاب والقبول للإشارة إلى أن البائع إذا باع وقبل المشتري لا يحتاج بعدهما إلى إجازة البائع. قال في الذخيرة: ذكر محمد بن الحسن رحمه الله تعالى في كتاب الوكالة مسألة تدل
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»
الفهرست