البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٣٠
يقول فعل الرجل أصل والمرأة تبع فالامتناع في الأصل امتناع في التبع فمحل الاختلاف في حد الزنا والسرقة، وأما حد القذف فواجب اتفاقا وحد الشرب غير واجب اتفاقا، وقيد بالذمية لأنه لو زنى مستأمن بمستأمنة فلا حد عليهما خلافا لأبي يوسف. والحاصل أن الزانيين إما مسلمان أو ذميان أو مستأمنان أو أحدهما مسلم والآخر ذمي، وهو صادق بصورتين أو أحدهما مسلم والآخر مستأمن، وهو صادق بصورتين أو أحدهما ذمي والآخر مستأمن، وهو صادق بصورتين فهي تسع صور، والحد واجب في الكل عند الإمام إلا في المستأمنين وإلا فيما إذا كان أحدهما مستأمنا أيا كان فلا حد عليه في ثلاث منها كما لا يخفى.
قوله: (وبزنا صبي أو مجنون بمكلفة بخلاف عكسه) أي لا يجب الحد إذا زنى صبي أو مجنون بمكلفة ويجب الحد إذا زنى بالغ بصبية أو مجنونة لأن فعل الزنا يتحقق منه وهي محل الفعل ولهذا يسمى هو واطئا وزانيا والمرأة موطوءة ومزنيا بها إلا أنها سميت زانية مجازا تسمية للفعل باسم الفاعل كالراضية بمعنى المرضية أو لكونها مسببة بالتمكين فتعلق الحد في حقها بالتمكين من قبيح الزنا وهو فعل من هو مخاطب بالكف عنه مؤثم على مباشرته، وفعل الصبي ليس بهذه الصفة فلا يناط به الحد، وقد ذكر بعضهم أن كلما انتفى الحد عن الرجل انتفى عن المرأة وهو منقوض بزنا المكره بالمطاوعة والمستأمن بالذمية والمسلمة فالأولى أن لا تجعل قاعدة لأن حكم في كل موضع بمقتضى الدليل. قال في التبيين: وعبارات أصحابنا أن فعلها مع الصبي والمجنون ليس بزنا يشير إلى أن إحصانها لا يسقط بذلك كما لا يسقط إحصان الصبي والمجنون حتى يجب الحد على قاذفهما بعد البلوغ والإفاقة وقد قدمنا حكم المهر قوله: (وبالزنا بمستأجرة) أي لا يجب الحد بوطئ من استأجرها ليزني بها عند أبي حنيفة.
وقالا: يجب الحد لعدم شبهة الملك ولهذا لا يثبت النسب ولا تجب العدة. وله أن الله تعالى سمى المهر أجرة بقوله تعالى * (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) * (النساء: 24) فصار شبهة لأن الشبهة ما يشبه الحقيقة لا الحقيقة فصار كما لو قال أمهرتك كذا لأزني بك. قيدنا
(٣٠)
مفاتيح البحث: الزنا (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست