البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٨٣
واحد كالثياب والرقيق اه‍. وفي التتارخانية: من شرائط المفاوضة أن تكون عامة في عموم التجارات. إليه أشار محمد في الكتاب، وذكر شيخ الاسلام في آخر باب شركة المفاوضة أنها تجوز في نوع خاص أيضا اه‍. ويندب الاشهاد عليها، وذكر محمد كيفية كتابتها فقال: هذا ما أشترك عليه فلان وفلان اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، ثم يبين قدر رأس مال كل منهما ويقول وذلك كله في أيديهما يشتريان ويبيعان جميعا وشتى ويعمل كل منهما برأيه ويبيع بالنقد والنسيئة. وهذا وإن ملكه كل بمطلق عقد الشركة إلا أن بعض العلماء يقول لا يملكه واحد منهما إلا بالتصريح به فللتحرز عنه يكتب هذا ثم يقول: فما كان من ربح فهو بينهما على قدر رؤس أموالهما، وما كان من وضيعة أو تبعة فكذلك. وحاصل ما ذكره المصنف في شركة العقد أنها مفاوضة وعنان وتقبل ووجوه، وذكر الشارح رحمه الله أنها ستة باعتبار أنها شركة بالمال وشركة بالاعمال وشركة الوجوه، وكل ينقسم إلى قسمين: مفاوضة وعنان وهو الأوجه وهو المذكور للشيخين الطحاوي والكرخي رحمهما الله، ولان الأول يوهم أن الأخيرين لا يكونان مفاوضة ولا عنانا قوله: (وهي مفاوضة إن تضمنت وكالة وكفالة وتساويا مالا وتصرفا ودينا) بيان للنوع الأول من النوع الثاني. قال في القاموس: المفاوضة الاشتراك في كل شئ والمساواة اه‍. ولذا قال في الهداية: لأنها شركة عامة في جميع التجارات يفوض كل واحد منهما أمر الشركة إلى صاحبه على الاطلاق إذ هي من المساواة قال قائلهم:
لا يصلح الناس فوضى لا سراه لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا أي متساويين فلا بد من تحقيق المساواة ابتداء وانتهاء وذلك بالمال والمراد به ما تصح الشركة فيه، ولا يعتبر التفاضل فيما لا تصح فيه الشركة، وكذا في التصرف لأنه لو ملك أحدهما تصرفا لا يملكه الآخر فات التساوي وكذا في الدين اه‍. وفي فتح القدير: قوله إذ هي من المساواة تساهل إذ هي مادة أخرى فكيف يتحقق الاشتقاق، بل هي من التفويض أو من الفوض الذي منه فاض الماء إذا عم وانتشر، وإنما أراد أن معناها المساواة. وظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط التنصيص على المفاوضة فإن صرحا بها ثبت أحكامها إقامة للفظ مقام المعنى لأنه صار علما على تمام المساواة في أمر الشركة، وإن لم يذكراها فلا بد أن يذكر إتمام معناها بأن يقول أحدهما وهما حران بالغان مسلمان أو ذميان شاركتك في جميع ما أملك من نقد وقدر ما تملك على وجه التفويض العام من كل منا للآخر في التجارات والنقد والنسيئة.
وعلى أن كلا ضامن عن الآخر ما يلزمه من أمر كل بيع. وقدمنا أنها تصح خاصة أيضا لكن
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست