البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٩٨
حتى إذا أبى الثاني طلاقها أجبره القاضي على ذلك وحلت للأول ا ه‍. ونقله في غاية البيان عن روضة الزندوسني ورده في فتح القدير بأن هذا مما لم يعرف في ظاهر الرواية ولا ينبغي أن يعول عليه ولا يحكم به لأنه بعد كونه ضعيف الثبوت تنبو عنه قواعد المذهب لأنه لا شك أنه شرط في النكاح لا يقتضيه العقد والعقود في مثله على قسمين. منها ما يفسد كالبيع ونحوه، ومنها ما يبطل فيه ويصح الأصل، ولا شك أن النكاح مما لا يبطل بالشروط الفاسدة بل يبطل الشرط ويصح هو فيجب بطلان هذا وأن لا يجبر على الطلاق، نعم يكره الشرط كما تقدم من مجمل الحديث ويبقى ما وراءه وهو قصد التحليل بلا كراهة ا ه‍. قوله: (ويهدم الزوج الثاني ما دون الثلاث) حتى لو طلقها واحدة وانقضت عدتها وتزوجت بآخر وطلقها وانقضت عدتها منه ثم تزوجها الأول يملك عليها ثلاثا إن كانت حرة وثنتين إن كانت أمة، ولا يتحقق في الأمة إلا هدم طلقة واحدة، وعند محمد يملك عليها ثنتين في الحرة وواحدة في الأمة، ومراده إن دخل بها ولو لم يدخل بها لا يهدم اتفاقا كما في القنية. وقد أخذ أبو حنيفة وأبو يوسف فيها بقول شبان الصحابة رضي الله عنهم كابن عباس وابن عمر، وأخذ محمد بقول الأكابر كعمر وعلي رضي الله عنهما. وحاصل ما استدلوا به من قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله المحلل والمحلل له بطريق الدلالة أنه لما كان محللا في الغليظة ففي الخفيفة أولى، أو بالقياس بجامع كونه زوجا، ورده المحقق في فتح القدير والتحرير بأن التحليل إنما جعل في حرمتها بالثلاث فلا حرمة قبلها فظهر أن القول ما قاله محمد وباقي الأئمة الثلاث.
قوله: (ولو أخبرت مطلقة الثلاث بمضي عدته وعدة الزوج الثاني والمدة تحتمله له أن يصدقها إن غلب على ظنه صدقها) يعني للزوج الأول أن يتزوجها لأنه معاملة أو أمر ديني لتعليق الحل به وقول الواحدة فيهما مقبول وهو غير مستنكر إذا كانت المدة تحتمله، وقد اقتصر المصنف في إخبارها على ما ذكر وذكره في الهداية مبسوطا فقال: قالت قد انقضت عدتي وتزوجت ودخل بي الزوج وطلقني وانقضت عدتي. وفي النهاية إنما ذكر إخبارها هكذا مبسوطا لأنها لو قالت حللت لك فتزوجها ثم قالت لم يكن الثاني دخل بي إن كانت عالمة بشرائط الحل لم تصدق وإلا تصدق وفيما ذكرته مبسوطا لا تصدق في كل حال. وعن السرخسي لا يحل له أن يتزوجها حتى يستفسرها لاختلاف بين الناس في حلها بمجرد العقد. وفي التفاريق: لو تزوجها ولم يسألها ثم قالت ما تزوجت أو ما دخل بي صدقت إذ
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست