البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٩٠
من فروع الأصل المذكور ما إذا اختلف البائع والمشتري في ثمن العقار فقال المشتري اشتريته بألف وقال البائع بعته بألفين وأقام البينة فإن الشفيع يأخذها بألفين لأن القاضي كذب المشتري في إقراره. ومن فروعه أيضا أن المشتري إذا أقر بالملك للبائع ثم استحق المبيع من يده بالبينة فإن له الرجوع عليه بالثمن لكونه صار مكذبا في إقراره حين قضى القاضي به للمستحق والفرعان في الخلاصة. ومنه ما في التلخيص: لو ادعى عليه كفالة معينة فأنكرها فبرهن المدعي وقضى على الكفيل فإن له الرجوع على المديون إذا كانت بأمره عندنا لكونه صار مكذبا في إنكارها حين قضى القاضي بها عليه. وقيد في الخلاصة الأصل المذكور في كتاب القضاء من الفصل الثالث منه بأن يكون القضاء بالبينة، أما إذا قضى القاضي باستصحاب الحال فإنه لا يصير مكذبا كما لو اشترى عبدا وأقر أن البائع أعتقه قبل البيع وكذبه البائع فقضى القاضي بالثمن على المشتري لم يبطل إقرار المشتري بالعتق حتى يعتق عليه. وكذا المديون إذا ادعى الايفاء أو الابراء على صاحب الدين وجحد الدائن وحلف وقضى القاضي له بالدين على الغريم لا يصير الغريم مكذبا حتى لو وجدت بينة الايفاء أو الابراء تقبل ا ه‍. فكان دلالة على الوطئ ودلالة الشرع أقوى من صريح العبد لاحتمال الكذب من العبد دون الشارع. فعلم بما قررناه أن الحمل يثبت قبل الوضع ويثبت النسب به قبله لما صرحوا به في باب خيار العيب أن حمل الجارية المبيعة يثبت بظهوره قبل الوضع بشهادة امرأة حتى كان للمشتري ردها بعيب الحبل قبل الوضع، وفي باب ثبوت النسب أنه يثبت بالحبل الظاهر فاندفع ما اعترض به صدر الشريعة على المشايخ بأن قولهم له الرجعة تساهل لأن وجود الحمل وقت الطلاق إنما يعرف إذا ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق فإذا ولدت انقضت العدة فلا يملك الرجعة فيكون المراد أنه راجع قبل وضع الحمل فولدت لأقل من ستة أشهر يحكم بصحة الرجعة السابقة، ولا يراد أنه يحل له الرجعة قبل وضع الحمل لأنه لما أنكر الوطئ والشرع لا يحكم بوجود الحمل وقت الطلاق بل إنما يحكم به إذا ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق فلم يوجد تكذيب الشرع قبل وضع الحمل، فالصواب أن يقال:
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست