البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٦٩
وعليه إجماع العلماء. قال الطحاوي: ذهب قوم إلى أن الرجل عليه أن يسوي بين مملوكه وبين نفسه في الطعام والكسوة احتجاجا بما روينا، وخالفهم آخرون احتجاجا بما حدث الطحاوي بإسناده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل ما لا يطيق فدل على أن للموالي أن يفضلوا أنفسهم على عبيدهم، ويدل عليه أيضا حديث البخاري مرفوعا إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي علاجه والجواب عن الأول أنه ذكره بلفظ من وهي للتبعيض فإذا أطعمهم الموالي من بعض ما يأكلون أو كسوهم من بعض ما يلبسون يحصل الغرض، فلو كان المراد التسوية في الاكل والكسوة لقال مثل ما تأكلون ومثل ما تلبسون، كذا في غاية البيان. وأجاب عنه في فتح القدير بأن المراد من جنس ما تأكلون وتلبسون لا مثله فإذا ألبسه من الكتان والقطن وهو يلبس منهما الفائق كفى بخلاف إلباسه نحو الجوالق والله أعلم. ولم يتوارث عن الصحابة أنهم كانوا يلبسون مثلهم إلا الافراد اه‍. والمراد بالمملوك من كانت منافعه مملوكة لشخص، سواء كانت رقبته مملوكة له أو لا، فدخل المدبر وأم الولد، وخرج المكاتب لأنه مالك لمنافعه. ولو أوصى بعبد لرجل وبخدمته لآخر فالنفقة على من له الخدمة، فإن مرض في يد صاحب الخدمة إن كان مرضا لا يمنعه من الخدمة كانت نفقته على صاحب الخدمة، وإن كان مرضا يمنعه من الخدمة كانت نفقته على صاحب الرقبة، وإن تطاول المرض ورأي القاضي أن يبيعه فباعه يشتري بثمنه عبدا يقوم مقام الأول في الخدمة، كذا في الخانية.
وزاد في المحيط أنه إن كان صغيرا لم يبلغ الخدمة فنفقته على صاحب الرقبة حتى يبلغ الخدمة ثم على المخدوم لأنه ملك المنافع بغير عوض فصار كالمستعير، وكذا النفقة على الراهن والمودع، وأما عبد العارية فعلى المستعير، وأما كسوته فعلى المعير، كذا في الواقعات، ولو أوصى بجارية لانسان وبما في بطنها لآخر فالنفقة على من له الجارية، ومثله أوصى بدار لرجل وسكناها لآخر فالنفقة على صاحب السكنى لأن المنفعة له فإن انهدمت فقال صاحب السكنى أنا أبنيها وأسكنها كان له ذلك ولا يكون متبرعا لأنه مضطر فيه لأنه لا يصل إلى حقه إلا به فصار كصاحب العلو مع صاحب السفل إذا انهدم السفل وامتنع صاحبه من البناء لصاحب العلو أن يبنيه ويمنع صاحبه عنه حتى يعطي ما غرم فيه ولا يكون متبرعا. وأطلق في المملوك فشمل ما إذا كان له أب موجود حاضر أولا، وشمل الأمة المتزوجة حيث لم
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست