احتج الأولون بوجوه: الأول: إن العادة في عبارات أهل اللغة الابتداء في الذكر بالأهم، وقد قدم الله تعالى في القرآن ذكر الفقراء على المساكين (1)، فلولا أنهم أسوء حالا لكان الأحسن تقديم المساكين.
الثاني: أنه - صلى الله عليه وآله - استعاذ من الفقر وسأل المسكنة.
الثالث: قوله تعالى: " أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر " (2) وهي تساوي جملة من الحال.
الرابع: إن الفقير مأخوذ من الفقار، فكأنه قد انكسر فقار ظهره لشدة حاجته.
احتج الآخرون بوجوه: الأول: ما رواه أبو بصير في الصحيح قال: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: قوله الله - عز وجل: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين "، قال: الفقير الذي لا يسأل الناس، والمسكين أجهد منه (3).
الثاني: إن العادة في عبارات أهل اللسان تأكيد الأضعف معنى بالأقوى منه، وأن المؤكد يفيد زيادة على ما يفيده المؤكد، ولا شك أنه يحسن تأكيد الفقير بالمسكين. فيقال: فقير مسكين دون العكس، فلو لا أن وجود الحاجة في المسكين أقوى لما حسن هذا التأكيد.
الثالث: قوله تعالى: " أو مسكينا ذا متربة " (4) معناه: أنه لشدة فقره وحاجته قد ألصق بطنه بالتراب لشدة جوعه.