الجوهر النقي - المارديني - ج ٦ - الصفحة ٤٢
مرسلا من عدة وجوه كما ذكرنا ثم قال البيهقي (وذكر الشافعي آخذ بمرسل سعيد بن المسيب لان مراسيله أصح من مراسيل غيره ولأنه قد روى موصولا) قلت - أراد به حديث له غنمه وعليه غرمه - وقد أوله الشافعي فيما تقدم في باب زيادات الرهن (فقال غنمه زيادته وغرمه وهلاكه ونقصه) وقد ظهر بما ذكرنا ان الصحيح في هذا الحديث انه مرسل وذكر البيهقي في رسالته إلى أبى محمد الجويني ان الشافعي خالف مرسل ابن المسيب في بعض المواضع وقد ذكرنا في باب صدقة الفطر أن ابن المسيب روى حديثا مرسلا بسند صحيح وان الشافعي خالفه فعلى تقدير تسليم الاحتجاج بمرسله دون غيره قد ذكر أبو عمر أن ابن وهب رواه عن مالك فجود فيه وبين ان قوله له غنمه وعليه غرمه - ليس بمرفوع وانه من كلام ابن المسيب وعلى تقدير تسليم انه مرسل وانه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فليس نصا فيما زعم الشافعي بل هو تأويل منه وقد أنكر عليه ذلك التأويل فحكى عن أبي عمر غلام ثعلب أنه قال أخطأ من قال الغرم الهلاك بل الغرم اللزوم ومنه الغريم لأنه لزمه الدين وقال تعالى (ان عذابها كان غراما) اي لازما وفى الصحاح الغرامة ما يلزم أداؤه وكذلك المغرم والغرم وفى كتاب الافعال غرمت غرما لزمني مالا يجب على وقد فسر غير الشافعي الحديث بأشياء موافقة لما قاله أهل اللغة قال الهروي في الغريبين قال ابن غرفة الغرام عند العرب ما كان لازما والغرم أداء شئ يلزم ومنه الحديث له غنمه وعليه غرمه - فغنمه زيادته وغرمه أداء ما انفك به الرهن وقال أبو بكر الرازي الغرم الدين فيكون تفسيرا لقوله لا يغلق الرهن - أي لا يملك بالشرط عند محل الأجل ولصاحبه إذا جاء زيادته وعليه دينه الذي هو مرهون به وفى المهيد قال أبو عبيد لا يجوز في كلام العرب ان يقال الرهن إذا ضاع قد غلق إنما يقال قد غلق إذا استحقه المرتهن فذهب به وهذا كان من فعل الجاهلية فابطله النبي عليه السلام بقول لا يغلق الرهن - وقال مالك تفسيره فيما نرى ان يرهن شيئا فيه فضل فيقول للمرتهن ان جئتك بحقك إلى كذا والا فالرهن لك بما فيه فهذا لا يحل وهو الذي نهى عنه وبنحو هذا فسره الزهري والنخعي والثوري وطاوس وشريح - وفى القواعد لابن رشد أن أبا حنيفة وأصحابه تأولوا غنمه بما فضل منه على الدين وغرمه بما نقص ومعنى قوله وعليه غرمه عند مالك ومن قال بقوله أي نفقته وحكى صاحب التمهيد عن أبي حنيفة ومالك وأصحابهما في تأويل الحديث كما حكاه ابن رشد فالحاصل ان الشافعي احتج بمرسل ابن المسبب وأوله بتأويل أنكر عليه وأقل الأحوال انه يجعل غير ما ذكر مما تقدم من التأويلات وترك القول بالتضمين مع أنه منصوص عليه في عدة أحاديث قد تأيد بعضها ببعض وتأيدت أيضا بأقوال السلف من الصحابة والتابعين على أن مذهب ابن المسيب بخلاف ما تأول الشافعي حديثه به قال صاحب التمهيد قال شريح والشعبي وغير واحد من الكوفيين يذهب الرهن بما فيه كانت قيمته مثل الدين أو أكثر منه أو أقل ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشئ وهو قول الفقهاء السبعة المدنيين إذا هلك وعميت قيمته ولم تقم بينة فان قامت بينة ترادا الفضل وهكذا قال الليث وقال بلغني ذلك عن علي بن أبي طالب انتهى كلامه - وابن المسيب من الفقهاء السبعة بلا خلاف - وفى مصنف عبد الرزاق انا معمر عن الحسن والزهري وقتادة وابن طاوس عن أبيه قالوا من ارتهن حيوانا فهلك فهو بما فيه - وقال أبو بكر الرازي اتفقت الصحابة على أنه مضمون وان اختلفوا في كيفية الضمان فالقول بأنه أمانة خلاف لاجماعهم - وروى الطحاوي بسنده عن أبي الزناد قال كان من أدركت من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم منهم ابن المسيب وعروة والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة وعبيد الله بن عبد الله في
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 39 40 41 42 43 44 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب النهى عن ثمن الكلب 5
2 باب تحريم بيع ما يكون نجسا لا يحل أكله 13
3 باب ما جاء في بيع المغنيات 14
4 باب ما جاء في كراهية بيع المصاحف 16
5 باب ما جاء في بيع المضطر 17
6 باب السلم الحال 20
7 باب السلم في الحيوان 21
8 باب ما يستدل به على ان الحيوان ينضبط بالصفة 23
9 باب المعطى يرجح في الوزن 32
10 باب ما جاء في النهى عن كسر الدراهم والدنانير 33
11 باب بيع دور مكة 34
12 باب الرهن غير مضمون 39
13 باب من قال الرهن مضمون 40
14 باب المشتري يموت مفلسا بالثمن 46
15 باب الحجر على الصبي حتى يبلغ ويؤنس منه الرشد 54
16 باب البلوغ بالسن 54
17 باب الرشد هو اصلاح في الدين والمال 59
18 باب الحجر على البالغين بالسفه 61
19 باب صلح الابراء 63
20 باب ما جاء في التحلل وما يحتج به من أجاز الصلح على الانكار 65
21 باب نصب الميزاب وأشراع الجناح 66
22 باب لا ضرر ولا ضرار 69
23 باب من أحيل على ملي فليتبع ولا يرجع على المحيل 70
24 باب من قال يرجع على المحيل 71
25 باب وجوب الحق بالضمان 72
26 باب الضمان عن الميت 75
27 باب الكفالة بالبدن 76
28 باب اقرار المريض لوارثه 85
29 باب اقرار الوارث بوارث 86
30 باب العارية مضمونة 89
31 باب من قال لا يغرم 91
32 باب نصر المظلوم 94
33 باب رد قيمته ان كان من ذوات القيم أو مثله ان كان من ذوات الأمثال 95
34 باب لا يملك آخذ بالجناية شيئا 96
35 باب من غصب لوحا فادخله في سفينة أو بني عليه جدارا 100
36 باب من أراق ما لا ينتفع به من الخمر وغيرها 101
37 باب الشفعة فيما لم يقسم 102
38 باب الشفعة بالجوار 105
39 باب ألفاظ منكرة في الشفعة 108
40 كتاب القراض 110
41 باب المضارب يخالف ومن اتجر في مال غيره بغير أمره 111
42 باب المعاملة على النخل بشطر ما يخرج منها 113
43 باب المعاملة على زرع البياض الذي بين اضعاف النخل مع المعاملة على النخل 115
44 باب من كره أخذ الأجرة عليه 125
45 باب كسب الرجل 127
46 باب من زرع ارض غيره بغير اذنه 136
47 باب ما جاء في نصب الجماجم 138
48 باب قطع السدرة 139
49 باب لا يترك ذمي يحييه 143
50 باب الحمى 146
51 باب منع فضل الماء 151
52 باب من قضى فيما بين الناس بما فيه صلاحهم 156
53 باب الصدقة في الأقربين 164
54 باب هبة المشاع 171
55 باب العمرى 171
56 باب رجوع الوالد فيما وهب لولده 178
57 باب المكافأة في الهبة 180
58 باب اللقطة يأكلها الغني والفقير 185
59 باب تعريف اللقطة والاشهاد عليها 192
60 باب ما جاء في قليل اللقطة 195
61 باب من يعترف اللقطة 196
62 باب من أحيا حسيرا 198
63 باب لا تحل لقطة مكة الا لمنشد 199
64 باب الجعالة 199
65 باب من صار مسلما باسلام أبويه أو أحدهما 204
66 باب الحث على تعلم الفرائض 208
67 باب ترجيح قول زيد بن ثابت على قول غيره من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين في الفرائض 210
68 باب من لا يرث من ذوي الأرحام 212
69 باب من قال بتوريث ذوي الأرحام 214
70 باب لا يرث القاتل 219
71 باب من قال يرث قاتل الخطأ من المال لا الدية 221
72 باب لا يرث مع الأب أبواه 225
73 باب فرض الجدة والجدتين 234
74 باب الميراث بالولاء 240
75 باب المولى من أسفل 242
76 باب من جعل ميراث من لم يدع وارثا ولا مولى في بيت المال 243
77 باب من جعل ما فضل عن الفرائض ولا عصبة ولا مولى في بيت المال ولم يرد على ذي فرض 244
78 باب ميراث المرتد 253
79 باب المشركة 255
80 باب ميراث ولد الملاعنة 258
81 باب ميراث المجوس 260
82 باب نسخ التوارث بالتحالف 261
83 باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين 263
84 باب من قال ثلث مالي إلى فلان 275
85 باب الوصية للقرابة 280
86 باب وصية الصغير 282
87 باب مصرف الغنيمة في ابتداء الاسلام 291
88 باب الخمس في الغنيمة والفئ 294
89 باب مصرف أربعة أخماس الفئ في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وانها كانت له خاصة 295
90 باب مصرف خمس الخمس 303
91 باب السلب للقاتل 305
92 باب ما جاء في تخميس السلب 310
93 باب الوجه الثالث من النفل 315
94 باب ما جاء في سهم الراجل والفارس 324
95 باب لا يسهم الا لفرس واحد 328
96 باب المرأة والمملوك يرضخ لهما 332
97 باب سهم ذوي القربى 340
98 باب ما جاء في مصرف أربعة أخماس الفئ 345
99 باب ما يكون للوالي الأعظم ووالي الإقليم من مال الله 353
100 باب الاختيار في التعجيل بقسمة مال الفئ 356
101 باب ما جاء في عقد الألوية 362