بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٧
يتحقق معنى الاخذ بالشفعة ولو تبايعا دارا بدار فلشفيع كل واحدة من الدارين ان يأخذها بقيمتها لان الدار ليست من ذوات الأمثال فلا يمكن الاخذ بمثلها فيأخذ بقيمتها كالعبد والثوب وعلى هذا يخرج ما لو اشترى دارا بعرض ولم يتقابضا حتى هلك العرض بطل البيع فيما بين البائع والمشترى وللشفيع الشفعة وكذلك لو كان المشترى قبض الدار ولم يسلم العرض حتى هلك أما بطلان البيع فيما بين البائع والمشترى فلان العرض مبيع إذ المبيع في الأصل ما يتعين بالتعيين في البيع والعرض بتعيين بالتعيين في البيع فكان مبيعا وهلاك المبيع قبل القبض يوجب بطلان البيع لتعذر التسليم بعد الهلاك فلم يكن في ابقاء العقد فائدة فيبطل وأما بقاء الشفعة للشفيع فلان الواجب عليه قيمة العرض لا عينه والقيمة مقدور التسليم في حقه فكان بقاء العرض في حق الشفيع وهلاكه بمنزلة واحدة ثم الشفيع إنما يأخذ بما وجب بالعقد لا بما أعطى بدلا من الواجب لما ذكرنا ان الاخذ بالشفعة يملك بمثل ما تملك به المشترى والمشترى تملك المبيع بالمسمى وهو الواجب بالعقد فيأخذه الشفيع به حتى لو اشترى الدار بالدراهم والدنانير ثم دفع مكانها عرضا فالشفيع يأخذ بالدراهم والدنانير لا بالعرض لان الدراهم والدنانير هي الواجبة بالعقد وأما العرض فإنما اخذه البائع بعقد آخر وهو الاستبدال فلم يكن واجبا بالعقد فصار كان البائع اشترى بالثمن عرضا ابتداء ثم حضر الشفيع ولو كان كذلك لكان يأخذ بالثمن لا بالعرض كذا هذا والله عز وجل اعلم ولو زاد المشترى البائع في الثمن فالزيادة لا تلزم الشفيع لان الشفيع إنما يأخذ بما وجب بالعقد والزيادة ما وجبت بالعقد في حق الشفيع لانعدامها وقت العقد حقيقة الا انها جعلت موجودة عند العقد في حق المتعاقدين تصحيحا لتصرفهما فلا يظهر الوجود في حق الشفيع فلم تكن الزيادة ثمنا في حقه بل كانت هبة مبتدأة فلا تتعلق بها الشفعة كالهبة المبتدأة ولو حط البائع عن المشترى أو أبراه عن البعض فالشفيع يأخذ بما بقي لان حط بعض الثمن يلتحق بأصل العقد ويظهر في حق الشفيع كان العقد ما ورد الا على هذا القدر بخلاف الزيادة فان التحاقها لا يظهر في حق الشفيع لما بينا ولان في تصحيح الزيادة ثمنا في حق الشفيع ضررا به ولا ضرر عليه في الحط ولو حط جميع الثمن يأخذ الشفيع بجميع الثمن ولا يسقط عنه شئ لان حط كل الثمن لا يلتحق بأصل العقد لأنه لو التحق لبطل البيع لأنه يكون بيعا بلا ثمن فلم يصح الحط في حق الشفيع والتحق في حقه بالعدم فيأخذ بجميع الثمن ولا يسقط عنه شئ لان حط كل الثمن لا يلتحق بأصل العقد وصح في حق المشترى وإن كان ابراء له عن الثمن ولو اشترى دارا بثمن مؤجل فالشفيع بالخيار ان شاء أخذها بثمن حال وان شاء انتظر مضى الأجل فأخذ عند ذلك وليس له أن يأخذها للحال بثمن مؤجل لان الشفيع إنما يأخذ بما وجب بالبيع والأجل لم يجب بالبيع وإنما وجب بالشرط والشرط لم يوجد في حق الشفيع ولهذا لم يثبت خيار المشترى للشفيع بأن اشترى على أنه بالخيار لان ثبوته بالشرط ولم يوجد من الشفيع وكذا البراءة عن العيب لا تثبت في حق الشفيع لان ثبوتها بالشرط ولم يوجد مع الشفيع كذا هذا وله أن يمتنع من الاخذ في الحال لان الشفيع غير مجبور على الاخذ بالشفعة ولو اختار الشفيع أخذ الدار بثمن حال كان الثمن للبائع على المشترى إلى أجل لان الاخذ من المشترى تملك منه بمنزلة التملك المبتدأ كأنه اشترى منه فلا يوجب بطلان البيع الأول فبقي الأول على حاله فكان الثمن على حاله إلى أجله وروى عن أبي يوسف في شراء الدار بثمن مؤجل انه يجب على الشفيع ان يطلب عند علمه بالبيع فان سكت إلى حين محل الأجل فذلك تسليم منه ثم رجع وقال إذا طلب عند حل الأجل فله الشفعة وان لم يطلب عند علمه بالبيع (وجه) قوله الأول ان وقت الطلب هو وقت العلم بالبيع لا وقت حل الأجل فقد اخره عن وقته من غير عذر فبطل الحق (وجه) قوله الاخر ان الطلب لا يراد لعينه بل لتأكيد الحق واستقراره والتأكيد لا يراد لنسفه بل لامكان الاخذ وله ان لا يأخذ قبل حل الأجل فله أن لا يطلب قبل حله أيضا والله تعالى أعلم.
(فصل) وأما بيان ما يتملك بالشفعة فالذي يتملكه الشفيع بالشفعة هو الذي ملكه المشترى بالشراء سواء ملكه أصلا أو تبعا بعد أن يكون متصلا وقت التملك بالشفعة وذلك نحو البناء والغرس والزرع والثمر وهذا استحسان
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306