بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٦
ينشأ عن اتحاد الصفقة لا عن اتحاد الثمن وسواء كان المشترى عاقد لنفسه أو لغيره في الفصلين جميعا حتى لو وكل رجلان جميعا رجلا واحدا بالشراء فاشترى الوكيل من رجلين فجاء الشفيع ليس له أنه يأخذ نصيب أحد البائعين بالشفعة ولو وكل رجل واحد رجلين فاشتريا من واحد فللشفيع ان يأخذ ما اشتراه أحد الوكيلين وكذا لو كان الوكلاء عشرة اشتروا لرجل واحد فللشفيع أن يأخذ من واحد أو من اثنين أو من ثلاثة قال محمد رحمه الله وانا انظر في هذا إلى المشترى ولا أنظر إلى المشترى له وهو نظر صحيح لان الاخذ بالشفعة من حقوق البيع وانها راجعة إلى الوكيل فكانت العبرة لاتحاد الوكيل وتعدده دون الموكل والله سبحانه وتعالى أعلم وإن كان المشترى بعضه ممتازا عن البعض بأن اشترى دارين صفقة واحدة فأراد الشفيع أن يأخذ أحدهما دون الأخرى فإن كان شفيعا لهما جميعا فليس له ذلك ولكن يأخذهما جميعا أو يدعهما وهذا قول أصحابنا الثلاثة رضى الله تعالى عنهم وقال زفر رحمه الله له أن يأخذ أحدهما بحصتها من الثمن (وجه) قوله إن المانع من اخذ البعض دون البعض هو لزوم ضرر الشركة ولم يوجد ههنا لانفصال كل واحدة من الدارين عن الأخرى (ولنا) ان الصفقة وقعت مجتمعة لان المشترى ملك الدارين بقبول واحد فلا يملك الشفيع تفريقها كما في الدار الواحدة وقوله ليس فيه ضرر الشركة مسلم لكن فيه ضرر آخر وهو ان الجمع بين الجيد والردئ في الصفقة معتاد فيما بين الناس فلو ثبت له حق أخذ أحدهما لاخذ الجيد فيتضرر له المشترى لان الردئ لا يشترى وحده بمثل ما يشترى مع الجيد فيتضرر به وسواء كانت الداران متلاصقتين أو متفرقتين في مصر واحد أو مصرين فهو على الاختلاف لما ذكرنا من المعنى في الجانبين فإن كان الشفيع شفيعا لإحداهما دون الأخرى ووقع البيع صفقة واحدة فهل له أن يأخذ الكل بالشفعة روى عن أبي حنيفة انه ليس له أن يأخذ الا التي تجاوره بالحصة وكذا روى عن محمد في الدار بين المتلاصقين إذا كان الشفيع جارا لإحداهما انه ليس له الشفعة الا فيما يليه وكذا قال محمد في الأقرحة المتلاصقة وواحد منها يلي أرض انسان وليس بين الأقرحة طريق ولا نهر إنما هي منساة انه لا شفعة له الا في القراح الذي يليه خاصة وكذلك في القرية إذا بيعت بدورها وأراضيها ان لكل شفيع أن يأخذ القراح الذي يليه خاصة وروى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنه ان للشفيع أن يأخذ الكل في ذلك كله بالشفعة قال الكرخي رواية الحسن تدل على أن قول أبي حنيفة كان مثل قول محمد رحمه الله ثم رجع عن ذلك فجعله كالدار الواحدة (وجه) الرواية الأولى ان سبب ثبوت الحق وهو الجوار وجد في أحدهما وهو ما يليه فلا يملك الا اخذ أحدهما والصفقة وان وقعت مجتمعة ولكنها أضيفت إلى شيئين أحدهما ثبت فيه حق الشفعة والآخر لم يثبت فيه حق الشفعة فله أن يأخذ ما ثبت فيه الحق كما إذا اشترى عقارا أو منقولا صفقة واحدة انه يأخذ العقار خاصة كذا هذا (وجه) الرواية الأخرى ان سبب الوجوب وان وجد فيما يليه دون الباقي لكن لا سبيل إلى أخذه خاصة بدون الباقي لما فيه من تفريق الصفقة فيأخذ ما يليه قضية للسبب ويأخذ الباقي ضرورة التحرز عن تفريق الصفقة (فصل) واما بيان ما يتملك به فنقول وبالله التوفيق ثمن المشترى لا يخلو اما أن يكون مما له مثل كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة واما أن يكون مما لا مثل له كالمزروعات والمعدودات المتفاوتة كالثوب والعبد ونحو ذلك فإن كان مما له مثل فالشفيع يأخذ بمثله لان فيه تحقيق معنى الاخذ بالشفعة إذ هو تمليك بمثل ما تملك به المشترى وإن كان مما لامثل له يأخذ بقيمته عند عامة العلماء وقال أهل المدينة يأخذ بقيمة المشترى (وجه) قولهم إن المصير إلى قيمة المبيع عند تعذر ايجاب المسمى من الثمن هو الأصل في الشريعة كما في البيع الفاسد وههنا تعذر الاخذ بالمسمى فصار إلى قيمة الدار والعقار ولنا ان الاخذ بالشفعة يملك بمثل ما تملك به المشترى فإن كان الثمن الذي تملك به المشترى من ذوات الأمثال كان الاخذ به تملكا بالمثل صورة ومعنى وان لم يكن من ذوات الأمثال كان الاخذ بقيمته تملكا بالمثل معنى لان قيمته مقدار ماليته بتقويم المقومين لهذا سميت قيمته لقيامه مقامه فكان مثله معنى واما قيمة الدار فلا تكون مثل العبد والثوب لا صورة ولا معنى فالتملك بها لا يكون تملكا بالمثل فلا
(٢٦)
مفاتيح البحث: البيع (4)، الضرر (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306