بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٢
بمعاوضة محضة بل فيها معنى الاقرار والتمييز ألا ترى انه يجرى فيها الجبر فلم تكن معاوضة مطلقة فلا تجب فيها الشفعة كما إذا صالح عن دم عمد على دار انه لا تجب الشفعة (ومنها) معاوضة المال بالمال فلا تجب في معاوضة المال بغير المال لان الاخذ بالشفعة تملك بمثل ما تملك به المشترى فلو وجبت في معاوضة المال بغير المال فاما أن يأخذ بما تملك به المشترى ولا سبيل إليه لأنه تملك بالقصاص واما ان يأخذ بقيمة الدار ولا سبيل إليه أيضا لان المشترى لم يتملك به فامتنع التملك أصلا وعلى هذا يخرج ما إذا صالح عن دم العمد على دار انه لا تجب الشفعة لان القصاص ليس بمال فلم توجد معاوضة المال بالمال وكذا لو صالح من جناية توجب القصاص فيما دون النفس على دار لما قلنا ولو صالح من جناية توجب الأرش بدون القصاص على دار تجب فيها الشفعة بالأرش لوجود معاوضة المال بالمال وكذا لو أعتق عبدا على دار لان العتق ليس بمال فلم توجد معاوضة بالمال (ومنها) معاوضة عين المال بعين المال فلا تجب في معاوضة عين المال بما ليس بعين المال لما ذكرنا ان التملك بما تملكه به المشترى غير ممكن والتملك بعين المال ليس تملكا بما تملك به المشترى فامتنع أصلا وعلى هذا يخرج ما إذا جعل الدار مهرا بأن تزوج على دار أو جعلها بدل الخلع بأن خالع امرأته على دار أو جعلها اجرة في الإجارات بأن استأجر بدار لان هذا معاوضة المال بالمنفعة لان حكم الإجارة ثبت في المنفعة وكذا حكم النكاح وهو الصحيح على ما عرف في مسائل النكاح من الخلاف والمنفعة ليست بمال وهذا عند أصحابنا رحمهم الله وقال الشافعي رحمه الله هذا ليس بشرط وتجب الشفعة في هذه المواضع فيأخذها الشفيع بقيمة البضع وهي مهر المثل في النكاح والخلع وفى الإجارة بأجرة المثل (وجه) قوله إن الاخذ بالشفعة تملك بمثل ما تملك به المشترى عند الامكان وعند التعذر تقام قيمته مقامه الا ترى انه لو اشترى دارا بعبد فالشفيع يأخذها بقيمة العبد لتعذر الاخذ بمثله إذ لا مثل له فتقوم قيمته مقامه كذا ههنا والمنافع تتقوم بالعقد بلا خلاف فتقام قيمة العوض مقامه (ولنا) انا المنافع في الأصل لا قيمة لها على أصول أصحابنا والأصل فيها أن لا تكون مضمونة لان الشئ يضمن بمثله في الأصل والعرض لا يماثل العين ولهذا قالوا إنها لا تضمن بالغصب والاتلاف الا انها تتقوم بالعقد بطريق الضرورة ولحاجة الناس فبقي ما وراء ذلك على الأصيل فلا يظهر تقومها في حق الشفيع ولو تزوج امرأة على دار على أن ترد المرأة عليه ألفا فلا شفعة في شئ من الدار عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تجب الشفعة في حصة الألف (وجه) قولهما ان الدار بعضها مهر وبعضها مبيع فلئن تعذر ايجاب الشفعة في حصة المهر أمكن ايجابها في حصة المبيع فتجب في حصته (وجه) قول أبي حنيفة رحمه الله انه لا يمكن ايجاب الشفعة في حصة المبيع الا بعد قسمة الدار وفى قسمتها تقويم المنافع ولا قيمة لها الا عند الضرورة على ما بينا ولان المهر في الدار هو الأصل لأنها إنما دفعت الألف لتسلم لها الدار فإذا لم تثبت الشفعة في الأصل فكيف تجب في التابع ولو تزوجها على مهر مسمى ثم باع داره من المرأة بذلك المهر أو تزوجها بغير مهر مسمى ثم باع داره من المرأة بمهر المثل تجب فيها الشفعة لان هذا مبيع مبتدأ فتجب به الشفعة ولو تزوجها على دار أو تزوجها على غير مسمى ثم فرض لها داره مهرا لا تجب فيها الشفعة لان الغرض منه ليس ببيع بل هو تقدير المهر فلا تجب الشفعة (ومنها) أن يكون المبيع عقارا أو ما هو بمعناه فإن كان غير ذلك فلا شفعة فيه عند عامة العلماء رضي الله عنهم وقال مالك رضي الله عنه هذا ليس بشرط وتجب الشفعة في السفن (وجه) قوله إن السفينة أحد المسكنين فتجب فيها الشفعة كما تجب في المسكن الاخر وهو العقار ولنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا شفعة الا في ربع أو حائط لان الشفعة في العقار ما وجبت لكونه مسكنا وإنما وجبت لخوف اذى الدخيل وضرره على سبيل الدوام وذلك لا يتحقق الا في العقار ولا تجب الا في العقار أو ما في معناه وهو العلو على ما نذكره إن شاء الله تعالى سواء كان العقار مما يحتمل القسمة أو لا يحتملها كالحمام والرحاء والبئر والنهر والعين والدور الصغار عند أصحابنا رحمهم الله وقال الشافعي رحمه الله لا تجب الشفعة الا في عقار يحتمل القسمة والكلام فيه يرجع إلى أصل تقدم ذكره وهو
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306