بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٨٢
وجود الصيغة من الأهل في المحل بايجاب الله تعالى لا بايجاب العبد إذ ليس للعبد ولاية الايجاب وإنما الصيغة علم على ايجاب الله تعالى (ومنها) الاسلام فلا يصح نذر الكافر حتى لو نذر ثم أسلم لا يلزم الوفاء به وهو ظاهر مذهب الشافعي رحمه الله لان كون المنذور به قربة شرط صحة النذر وفعل الكافر لا يوصف بكونه قربة (وأما) حرية الناذر فليست من شرائط الصحة فيصح نذر المملوك ثم أن كان المنذور به من القرب الدينية كالصلاة والصوم ونحوهما يجب عليه للحال ولو كان من القرب المالية كالاعتاق والاطعام ونحو ذلك يجب عليه بعد العتاق لأنه ليس من أهل الملك للحال ولو قال إن اشتريت هذه الشاة فهي هدى أو ان اشتريت هذا العبد فهو حر فعتق لم يلزمه حتى يضيفه إلى ما بعد العتق في قياس قول أبي حنيفة وقد ذكرناه في كتاب العتاق (وأما) الطواعية فليست بشرط عندنا خلافا للشافعي رحمه الله كما في اليمين وكذا الجد والهزل والله عز شأنه أعلم (وأما) الذي يرجع إلى المنذور به فأنواع (منها) أن يكون متصور الوجود في نفسه شرعا فلا يصح النذر بما لا يتصور وجوده شرعا كمن قال لله تعالى على أن أصوم ليلا أو نهارا أكل فيه وكالمرأة إذا قالت لله على أن أصوم أيام حيضي لان الليل ليس محل الصوم والاكل مناف للصوم حقيقة والحيض مناف له شرعا إذ الطهارة عن الحيض والنفاس شرط وجود الصوم الشرعي ولو قالت لله على أن أصوم غدا فحاضت في غد أو قالت لله على أن أصوم يوم يقدم فلان فقدم في يوم حاضت فيه لا شئ عليها عند محمد وعند أبي يوسف عليها قضاء ذلك اليوم وهي من مسائل الصوم وعلى هذا يخرج ما إذا قال لله تعالى على أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم في النهار انه ان قدم قبل الزوال أو قبل أن تناول شيئا من المفطرات يلزمه صومه وان قدم بعد الزوال أو بعد ما تناول شيئا من المفطرات لا يلزمه شئ لأنه أوجب على نفسه صوم يوم موصوف بأنه يوجد فيه قدوم فلان ولا علم له لهذا اليوم قبل القدوم ولا دليل العلم ولا وجوب لهذا الصوم بدون العلم أو دليله لان ما ثبت أداؤه على قصد المؤدى في تحصيله لا يجب أداؤه الا بعد العلم بوجوبه أو دليل العلم فلم يجب الصوم ما لم يوجد اليوم الموصوف ولا وجود الا بالقدوم فصار الوجوب على هذا التخريج متعلقا بالقدوم ووجوب صوم يوم لم تزل فيه الشمس ولم يتناول شيئا من المفطرات متصور كما لو أنشأ النذر فوجب عليه للحال ولا تصور له بعد التناول وبعد الزوال فلا يجب عليه شئ بخلاف اليمين بأن قال والله لأصومن اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم بعد ما أكل أو بعد الزوال حنث في يمينه والفرق ان في باب النذر يجب الفعل حقا لله تعالى لان الوجوب بايجاب الله تعالى عند مباشرة سبب الوجوب من العبد فصار هذا وسائر العبادات المقصودة على السواء (وأما) في باب اليمين فالفعل في نفسه غير واجب بل الواجب هو الامتناع عن هتك حرمة اسم الله تعالى عز شأنه وإنما وجب الفعل لضرورة حصول البر وحصول البر أيضا لضرورة الامتناع عن الهتك فوجوبه لا يفتقر إلى العلم فكان وجوب تحصيل البر والامتناع ثابتا قبل وجود دليل الوجوب وهو القدوم فوجب عليه البر من أول وجود هذا اليوم الذي حلف أن يصومه وان لم يكن له به علم فإذا لم يصم بأن أكل أو امتنع من النذر حتى زالت الشمس حنث في يمينه لفوات البر والله عز شأنه أعلم (ومنها) أن يكون قربة فلا يصح النذر بما ليس بقربة رأسا كالنذر بالمعاصي بأن يقول لله عز شأنه على أن أشرب الخمر أو أقتل فلانا أو أضربه أو أشتمه ونحو ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام لا نذر في معصية الله تعالى وقوله عليه الصلاة والسلام من نذر أن يعصى الله تعالى فلا يعصه ولان حكم النذر وجوب المنذور به ووجوب فعل المعصية محال وكذا النذر بالمباحات من الأكل والشرب والجماع ونحو ذلك لعدم وصف القربة لاستوائهما فعلا وتركا وكذا لو قال على طلاق امرأتي لان الطلاق ليس بقربة فلا يلزم بالنذر وهل يقع الطلاق به فيه كلام نذكره إن شاء الله تعالى (ومنها) أن يكون قربة مقصوده فلا يصح النذر بعيادة المرضى وتشييع الجنائز والوضوء والاغتسال ودخول المسجد ومس المصحف والاذان وبناء الرباطات والمساجد وغير ذلك وإن كانت قربا لأنها ليست بقرب مقصودة ويصح النذر بالصلاة والصوم والحج والعمرة والاحرام بهما والعتق والبدنة والهدى والاعتكاف ونحو ذلك لأنها قرب مقصودة
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306