بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٧٠
المبيع زيادة متصلة غير متولدة من الأصل كما إذا كان ثوبا فصبغه أو سويقا فلته بسمن أو كان أرضا فبنى عليها أو غرس فيها انه يبطل خياره لأن هذه الزيادة مانعة من الرد بالاجماع فكانت مسقطة للخيار ولو كانت الزيادة متصلة متولدة من الأصل كالحسن والجمال والسمن والبراء من المرض وانجلاء البياض من العين ونحو ذلك فكذلك عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد لا يبطل بناء على أن هذه الزيادة تمنع الرد عندهما كما في العيب في المهر في النكاح وعنده لا تمنع والمسألة تأتى في موضعها إن شاء الله تعالى وإن كانت الزيادة منفصلة متولدة من الأصل كالولد والثمر واللبن ونحوها أو كانت غير متولدة من الأصل لكنها بدل الجزء الفائت كالأرش أو بدل ما هو في معنى الجزء كالعقر يبطل خياره لأنها مانعة من الرد عندنا وإن كانت منفصلة غير متولدة من الأصل ولا هي بدل الجزء الفائت أو ما هو في معنى الجزء كالصدقة والكسب والغلة لا يبطل خياره لأن هذه الزيادة لا تمنع الرد فلا يبطل الخيار فان اختار البيع فالزوائد له مع الأصل لأنه تبين انها كسب ملكه فكانت ملكه وان اختار الفسخ رد الأصل مع الزوائد عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد الزوائد تكون له بناء على أن ملك المبيع كان موقوفا فإذا فسخ تبين انه لم يدخل في ملكه فتبين أن الزيادة حصلت على ملك البائع فيردها إليه مع الأصل وعندهما المبيع دخل في ملك المشتري فكانت الزوائد حاصلة على ملكه والفسخ يظهر في الأصل لا في الزيادة فبقيت على حكم ملك المشتري ولو كان المبيع دابة فركبها فان ركبها لحاجة نفسه كان إجازة وان ركبها ليسقيها أو يشترى لها علفا أو ليردها على بائعها فالقياس أن يكون إجازة لأنه يمكنه أن يفعل ذلك قودا وفى الاستحسان لا يكون إجازة وهو على خياره لان ذلك مما لا بد منه خصوصا إذا كانت الدابة صعبة لا تنقاد بالقود فكان ذلك من ضرورات الرد فلا يجعل إجازة ولو ركبها لينظر إلى سيرها لا يبطل خياره لأنه لا بد له من ذلك للاختبار بخلاف خيار العيب انه إذا ركبها بعد ما علم بالعيب انه يبطل خياره لان له منه بدا ولا حاجة إلى الركوب هناك لمعرفة سيرها فكان دليل الرضا بالعيب ولو كان المبيع ثوبا فلبسه لينظر إلى قصره من طوله وعرضه لا يبطل خياره لان ذلك لا يحتاج إليه للتجربة والامتحان أنه يوافقه أم لا فلم يكن منه بد ولو ركب الدابة ليعرف سيرها ثم ركبها مرة أخرى ينظر ان ركبها لمعرفة سير أخرى غير الأول بأن ركبها مرة ليعرف انها هملاج ثم ركبها ثانيا ليعرف سرعة عدوها فهو على خياره لان معرفة السير مقصودة تقع الحاجة إليها في بعض الدواب وان ركبها لمعرفة السير الأول قالوا يسقط وكذا في استخدام الرقيق إذا استخدمه في نوع ثم استخدمه في ذلك النوع قالوا يسقط خياره وبعض مشايخنا قالوا لا يسقط لان الاختبار لا يحصل بالمرة الواحدة لجواز ان الأول وقع اتفاقا فيحتاج إلى التكرار لمعرفة العادة وفى الثوب إذا لبسه مرة لمعرفة الطول والعرض ثم لبسه ثانيا يسقط خياره لأنه لا حاجة إلى تكرار اللبس في الثوب لحصول المقصود باللبس مرة واحدة ولو حمل على الدابة علفا فهو إجازة لأنه يمكنه حمل العلف على غيرها ولو قص حوافرها أو أخذ من عرفها شيئا فهو على خياره لأنه تصرف لا يختص بالملك إذ هو من باب اصلاح الدابة فيملكه كل واحد ويكون مأذونا فيه دلالة كما إذا علفها أو سقاها ولو ودجها أو بزغها فهو إجازة لأنه تصرف فيها بالتنقيص فإن كان شاة فجلبها أو شرب لبنها فهو إجازة لأنه لا يحل الا بالملك أو الاذن من المالك ولم يوجد الاذن فكان دليلا على قصد التملك أو التقرير فيكون إجازة ولو كان المبيع دارا فسكنها المشترى أو أسكنها غيره باجر أو بغير أجر أو رم شيئا منها أو جصصها أو طينها أو أحدث فيها شيئا أو هدم فيها شيئا فذلك كله إجازة لأنه دليل اختيار الملك أو تقريره فكان إجازة دلالة وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي في سكنى المشترى روايتان ووفق بينهما فحمل إحداهما على ابتداء السكنى والأخرى على الدوام عليه ولو كان فيها ساكن باجر فباعها البائع برضا المستأجر وشرط الخيار للمشترى فتركه المشترى فيها أو استأوى الغلة فهو إجازة لان الأجرة بدل المنفعة فكان أخذها دلالة قصد تملك المنفعة أو تقرير ملك المنفعة وذلك قصد تملك الدار أو تقرر ملكه فيها فكان إجازة ولو كان المبيع أرضا فيها حرث فسقاه أو حصده أو قصل منه شيئا فهو إجازة لان السقي تصرف في الحرث بالتزكية فكافى دليل اختيار البيع وايجابه
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306