بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢١٠
والخف والآنية ونحوها فلا يجوز فيما لا تعامل لهم فيه كما إذا أمر حائكا أن يحوك له ثوبا بغزل نفسه ونحو ذلك مما لم تجر عادات الناس بالتعامل فيه لأن جوازه مع أن القياس يأباه ثبت بتعامل الناس فيختص بما لهم فيه تعامل ويبقى الامر فيما وراء ذلك موكولا إلى القياس (وأما) كيفية جوازه فهي أنه عقد غير لازم في حق كل واحد منهما قبل رؤية المستصنع والرضا به حتى كان للصانع أن يمتنع من الصنع وأن يبيع المصنوع قبل أن يراه المستصنع وللمستصنع أن يرجع أيضا لان القياس أن لا يجوز أصلا الا ان جوازه ثبت استحسانا بخلاف القياس لحاجة الناس وحاجتهم قبل الصنع أو بعده قبل رؤية المستصنع والرضا به أقرب إلى الجواز دون اللزوم فيبقى اللزوم قبل ذلك على أصل القياس (وأما) حكم الاستصناع فحكمه في حق المستصنع إذا أتى الصانع بالمستصنع على الصفة المشروطة ثبوت ملك غير لازم في حقه حتى يثبت له خيار الرؤية إذا رآه ان شاء أخذه وان شاء تركه وفى حق الصانع ثبوت ملك لازم إذا رآه المستصنع ورضى به ولا خيار له وهذا جواب ظاهر الرواية وروى عن أبي حنيفة أنه غير لازم في حق كل واحد منهما حتى يثبت لكل واحد منهما الخيار وروى عن أبي يوسف رحمه الله أنه لازم في حقهما حتى لا خيار لأحدهما لا للصانع ولا للمستصنع أيضا (وجه) رواية أبى يوسف ان في اثبات الخيار للمستصنع اضرارا بالصانع لأنه قد أفسد متاعه وفرى جلده وأتى بالمستصنع على الصفة المشروطة فلو ثبت له الخيار لتضرر به الصانع فيلزم دفعا للضرر عنه (وجه) الرواية الأولى ان في اللزوم اضرارا بهما جميعا أما اضرار الصانع فلما قال أبو يوسف وأما ضرر المستصنع فلان الصانع متى لم يصنعه واتفق له مشتر يبيعه فلا تندفع حاجة المستصنع فيتضرر به فوجب ان يثبت الخيار لهما دفعا للضرر عنهما (وجه) ظاهر الرواية وهو اثبات الخيار للمستصنع لا للصانع ان المستصنع مشتر شيئا لم يره لان المعقود عليه وهو المستصنع وإن كان معدوما حقيقة لكنه جعل موجودا شرعا حتى جاز العقد استحسانا ومن اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه والصانع بائع شيئا لم يره فلا خيار له ولان الزام حكم العقد في جانب المستصنع اضرار لان من الجائز أن لا يلائمه المصنوع ولا يرضى به فلو لزمه وهو مطالب بثمنه فيحتاج إلى بيعه من غيره ولا يشترى منه بمثل قيمته فيتضرر به وليس في الالزام في جانب الصانع ضرر لأنه ان لم يرض به المستصنع يبيعة من غيره بمثل قيمته وذلك ميسر عليه لكثرة ممارسته هذا إذا استصنع شيئا ولم يضرب له أجلا فاما إذا ضرب له أجلا فإنه ينقلب سلما عند أبي حنيفة فلا يجوز الا بشرائط السلم ولا خيار لواحد منهما كما في السلم وعندهما هو على حاله استصناع وذكره الأجل للتعجيل ولو ضرب الأجل فيما لا تعامل فيه ينقلب سلما بالاجماع (وجه) قولهما ان هذا استصناع حقيقة فلو صار سلما إنما يصير بذكره المدة وأنه قد يكون للاستعجال كما في الاستصناع فلا يخرج عن كونه استصناعا مع الاحتمال ولأبي حنيفة ان الأجل في البيع من الخصائص اللازمة للسلم فذكره يكون ذكر للسلم معنى وان لم يذكره صريحا كالكفالة بشرط براءة الأصيل انها حوالة معنى وان لم يأت بلفظ الحوالة وقوله ذكر الوقت قد يكون للاستعجال قلنا لو حمل على الاستعجال لم يكن مفيدا لان التعجيل غير لازم ولو حمل على حقيقة التأجيل لكان مفيدا لأنه لازم فكان الحمل عليه أولى ولا يجوز السلم في اللحم في قول أبى حنفية وقال أبو يوسف ومحمد يجوز إذا بين جنسه ونوعه وصفته وقدره وسنه وموضعه لان الفساد لمكان الجهالة وقد زالت ببيان هذه الأشياء ولهذا كان مضمونا بالمثل في ضمان العدوان ولأبي حنيفة ان الجهالة تبقى بعد بيان ما ذكرناه من وجهين (أحدهما) من جهة الهزال والسمن (والثاني) من جهة قلة العظم وكثرته وكل واحدة منهما مفضية إلى المنازعة وقياس الوجه الثاني أنه لو أسلم في منزوع العظم يجوز وهو رواية الكرخي عن أبي حنيفة رحمهما الله وقياس الوجه الأول أنه لا يجوز كيف ما كان وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وهو الصحيح لأنه ان زالت الجهالة من إحدى الجهتين بقيت من جهة أخرى وهي جهالة السمن والهزال فكان المسلم فيه مجهولا فلا يصح السلم إلا أنه جعل مثلا في ضمان العدوان وسقط اعتبار التفاوت فيه شرعا تحقيقا لمعنى الزجر من وجه لان ذلك لا يحصل بالقيمة لان للناس رغائب في الأعيان ما ليس في قيمتها ويجوز السلم في الالية
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306