بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٠
التسليم محصلا لغرضه فيبقى على شفعته كما لو أخبر انها بيعت بحنطة فسلم ثم تبين انها بيعت بشعير قيمته مثل قيمة الحنطة (ولنا) ان الدراهم والدنانير في حق الثمنية كجنس واحد لأنها أثمان الأشياء وقيمتها تقوم الأشياء بها تقويما واحدا أعني انها تقوم بهذا مرة وبذاك أخرى وإنما يختلفان في القدر لا غير فوجب اعتبار قدر قيمتهما في الكثرة والقلة كما إذا أخبر انها بيعت بألف درهم أو بمائة دينار فسلم ثم تبين انها بيعت بأكثر أو بأقل على ما بينا كذا هذا بخلاف ما إذا أخبر انها بيعت بحنطة فسلم ثم تبين انها بيعت بشعير قيمته مثل قيمة الحنطة أو أقل أو أكثر لان هناك اختلف إذ الحنطة والشعير جنسان مختلفان على الاطلاق واختلاف الجنس يوجب اختلاف الغرض فلم يصح التسليم ولو أخبر انها بيعت بألف درهم فسلم ثم تبين انها بيعت بمكيل أو بموزون سوى الدرهم والدنانير أو عددي متقارب فالشفعة قائمة لان الثمن الذي وقع به البيع إذا كان من ذوات الأمثال فالشفيع يأخذ بمثله وانه جنس آخر غير الجنس الذي أخبر به الشفيع فاختلف الغرض ولو أخبر انها بيعت بألف فسلم ثم تبين انها بيعت بعرض وما ليس من ذوات الأمثال فإن كانت قيمته مثل الألف أو أكثر صح تسليمه وإن كانت أقل لم يصح تسليمه وله الشفعة لان الشفيع ههنا يأخذ الدار بقيمة العرض لأنه لا مثل له وقيمته دراهم أو دنانير فكان الاختلاف راجعا إلى القدر فأشبه آلاف والألفين والألف وخمسمائة على ما مر ولو أخبر بشراء نصف الدار فسلم ثم تبين انه اشترى الجميع فله الشفعة ولو أخبر بشراء الجميع فسلم ثم تبين انه اشترى النصف فالتسليم جائز ولا شفعة له هذا هو الرواية المشهورة في الفصلين وقد روى الجواب فيهما على القلب وهو ان التسليم في النصف يكون تسليما في الكل والتسليم في الكل لا يكون تسليما في النصف (وجه) هذه الرواية ان تسليم النصف لعجزه عن الثمن ومن عجز عن القليل كان عن الكثير أعجز فأما العجز عن الكثير لا يدل على العجز عن القليل (وجه) الرواية المشهورة ان التسليم في النصف للاحتراز عن الضرر وهو ضرر الشركة وهذا لا يوجد في الكل فاختلف الغرض فلم يصح التسليم فبقي على شفعته وإذا صح تسليم الكل فقد سلم البعض ضرورة لأنه داخل في الكل فصار بتسليم الكل مسلما للنصف لان الشركة عيب فكان التسليم بدون العيب تسليما مع العيب من طريق الأولى ولو أخبر ان المشترى زيد فسلم ثم تبين انه عمرو فهو على شفعته لان التسليم للأمن عن الضرر والامن عن ضرر زيد لا يدل على الامن عن ضرر عمرو لتفاوت الناس في الجوار ولو أخبر أن المشترى زيد فسلم ثم تبين انه زيد وعمرو كان له أن يأخذ نصيب عمرو لأنه سلم نصيب زيد لا نصيب عمرو فبقي له الشفعة في نصيبه ولو أخبر ان الدار بيعت بألف درهم فسلم ثم إن البائع حط عن المشترى خمسمائة وقبل المشترى الحط كان له الشفعة لان الحط يلتحق بأصل العقد فتبين ان البيع كان بخمسمائة فصار كما إذا أخبر انها بيعت بألف فسلم ثم تبين انها بيعت بخمسمائة ولو لم يقبل الحط لم تجب الشفعة لان الحط لم يصح إذا لم يقبل فلم يتبين انها بيعت بأنقص من الف فلم تجب الشفعة ولو باع الشفيع داره التي يشفع بها بعد شراء المشترى هل تبطل شفعته فهذا لا يخلو اما إن كان البيع باتا واما إن كان فيه شرط الخيار فإن كان باتا لا يخلو اما ان باع كل الدار واما ان باع جزأ منها فان باع كلها بطلت شفعته لان سبب الحق هو جوار الملك وقد زال سواء علم بالشراء أو لم يعلم لان هذا في معنى صريح الاسقاط لان ابطال سبب الحق ابطال الحق فيستوى فيه العلم والجهل فان رجعت الدار إلى ملكه بعيب بقضاء أو بغير قضاء أو بخيار رؤية أو بخيار شرط للمشترى فليس له أن يأخذ بالشفعة لان الحق قد بطل فلا يعود الا بسبب جديد وكذلك لو باعها الشفيع بيعا فاسدا وقبضها المشترى بطلت شفعته لزوال سبب الحق وهو جوار الملك فان نقض البيع فلا شفعة له لما ذكرنا ان الحق بعد ما بطل لا يعود الا بسبب جديد وان باع جزأ من داره فان باع جزأ شائعا منها فله الشفعة بما بقي لان ما بقي يصلح لاستحقاق الشفعة ابتداء فأولى أن يصلح للبقاء لان البقاء أسهل من الابتداء وان باع جزأ معينا بيتا أو حجرة فإن كان ذلك لا يلي الدار التي فيها الشفعة فكذلك لان السبب وهو جوار الملك قائم وإن كان مما يلي تلك الدار فان استغرق حدود الدار التي فيها الشفعة بطلت الشفعة لان الجوار قد زال وان بقي من حدها شئ ملاصق لما بقي من الدار فهو على شفعته لما ذكرنا ان
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306