بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٦٩
الحقيقة وهما في هذا المعنى مستويان وجه القول الأول ان قوله أحدكما حر تنجيز الحرية في أحدهما وليس بتعليق حقيقة لانعدام حرف التعليق الا انه تنجيز في غير المعين بالاختيار ووجه القول الثاني ان العتق اما يثبت باختيار العتق واما ان يثبت بالكلام السابق والثاني لا سبيل إليه لان اختيار العتق لم يعرف اعتاقا في الشرع الا ترى انه لو قال لعبده اخترت عتقك لا يعتق فلابد وان يثبت بالكلام السابق فلا يخلو اما ان يثبت حال وجوده في أحدهما غير عين ويتعين باختياره واما ان يثبت عند وجود الاختيار في أحدهما عينا وهو تفسير التعليق بشرط الاختيار لا وجه للأول لأنه ربما يختار غير الحر فيلزم القول بانتقال الحرية من الحر إلى الرقيق أو انتقال الرق من الرقيق إلى الحر أو استرقاق الحر والأول محال والثاني غير مشروع فتعين الثاني ضرورة وهي ان يثبت العتق عند وجود الاختيار بالكلام السابق مقصورا على حال الاختيار وهو تفسير التعليق ثم القائلون بالبيان اختلفوا في كيفية البيان منهم من قال البيان اظهار محض ومنهم من قال هو اظهار من وجه وانشاء من وجه واستدلوا لما ذكر محمد في الزيادات في موضع يقال له بين وفي موضع يقال له أعتق وزعموا أن المسائل تتخرج عليه وهذا غير سديد لان القول الواحد لا يكون اظهار أو انشاء إذ الانشاء اثبات أمر لم يكن والاظهار إبداء أمر قد كان وبينهما تناف وثمرة هذا الاختلاف تظهر في الأحكام وانها في الظاهر متعارضة بعضها يدل على صحة القول الأول وبعضها يدل على صحة القول الثاني ونحن نشير إلى ذلك إذا انتهينا إلى بيان حكم الاعتاق وبيان وقت ثبوت حكمه فاما ترجيح أحد القولين على الآخر وتخرج المسائل عليه فمذكوران في الخلافيات وأما التعليق بالملك أو بسببه صورة ومعنى فنحو أن يقول لعبد لا يملكه ان ملكتك فأنت حر أو ان اشتريتك فأنت حر وانه صحيح عندنا حتى لو ملكه أو اشتراه يعتق وان لم يكن الملك موجودا وقت التعليق وقال الشافعي لا يصح ولا يعتق وقال بشر المريسي يصح التعليق بالملك ولا يصح بسبب الملك وهو الشراء أما الكلام مع الشافعي فعلى نحو ما ذكرنا في كتاب الطلاق وأما مع بشر فوجه قوله إن اليمين بالطلاق والعتاق لا يصح الا في الملك أو مضافا إلى الملك ولم توجد الإضافة إلى الملك لأن الشراء قد يفيد الملك للمشترى وقد لا يفيد كالشراء بشرط الخيار وشراء الوكيل فلم توجد الإضافة إلى الملك فلا يصح بخلاف قوله إن ملكتك ولنا ان مطلق الشراء ينصرف إلى الشراء المتعارف وهو الشراء لنفسه ومن غير شرط الخيار وانه من أسباب الملك فكان ذكره ذكرا للملك والإضافة إليه إضافة إلى الملك كأنه قال إن ملكتك فأنت حر ولأنه لما علق العتق بالشراء ولابد من الملك عند الشراء لثبوت العتق كان هذا تعليق العتق بالشراء الموجب للملك كأنه قال إن اشتريتك شراء موجبا للملك فأنت حر فإذا اشتراه شراء موجبا للملك فقد وجد الشرط فيعتق ولو قال إن تسريت جارية فهي حرة فاشترى جارية فتسراها لا تعتق عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر تعتق ولو تسرى جارية كانت في ملكه يوم حلف عتقت بالاجماع وجه قول زفر انه وجدت الإضافة إلى الملك لان التسري لا يصح بدون الملك فكانت الإضافة إلى التسري إضافة إلى الملك فيصح التعليق ولنا انه لم يوجد الملك وقت التعليق ولا الإضافة إلى الملك والكلام فيه ولا إلى سبب الملك لان التسري ليس من أسباب الملك ألا ترى انه يتحقق في غير الملك كالجارية المغصوبة واليمين بالعتاق والطلاق لا يصح الا في الملك أو مضافا إلى الملك أو سببه ولم يوجد شئ من ذلك وأما قوله إن التسري لا صحة له بدون الملك فهذا مسلم ان الملك شرط صحة التسري وجوازه لكن الحالف جعل وجوده شرط العتق والتسري نفسه بوجد من غير ملك فلم يكن التعليق به تعليقا بسبب الملك فلم يصح ثم اختلف في تفسير التسري قال أبو حنيفة ومحمد هو ان يطأها ويحصنها ويمنعها من الخروج والبروز سواء طلب منها الولد أو لم يطلب وقال أبو يوسف طلب الولد مع التحصين شرط وجه قوله إن الانسان يطأ جاريته ويحصنها ولا يقال لها سرية وإنما يقال ذلك إذا كان يطلب منها الولد أو تكون أم ولده هذا هو العرف والعادة ولهما انه ليس في لفظ التسري ما يدل على طلب الولد لأنه لا يخلو اما أن يكون مأخوذا من السرو وهو الشرف فتسمى الجارية سرية بمعنى انه أسرى الجواري أي أشرفهن واما
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222