بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٤٩
حرية أبيه وابنه في معنى حرية نفسه لان المرء يسعى لحرية أولاده وآبائه مثل ما يسعى لحرية نفسه فهو الفرق والله عز وجل أعلم وسواء كان المالك لذي الرحم المحرم بالغا أو صبيا عاقلا أو مجنونا يعتق عليه إذا ملكه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم من ملك ذا رحم منه فهو حر ولأنه علق الحكم هو الحرية بالملك فيقتضى ان كل من كان من أهل الملك كان من أهل هذا الحكم والصبي والمجنون من أهل الملك فكانا من أهل هذا الحكم فان قيل إن الصبي العاقل إذا اشترى أباه يعتق عليه وشراء القريب اعتاقا عند أصحابنا حتى تتأدى به الكفارة والصبي وإن كان عاقلا فليس من أهل الاعتاق فينبغي ان لا يعتق أو لا يكون الشراء اعتاقا قيل إن كون شراء الأب اعتاقا عرفناه بالنص وهو ما رويناه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه والنص قابل للتخصيص والتقييد وقد قام الدليل على أن الصبي ليس بمراد لأنه ليس من أهل الاعتاق فلا يكون الشراء من الصبي وإن كان عاقلا اعتاقا بل يكون تمليكا فقط فيعتق عليه بالملك شرعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر لا بالاعتاق ولو ملك حليلة ابنه أو منكوحة أبيه أو أمه من الرضاع لا يعتق عليه وكذا إذا ملك ابن العم أو العمة أو ابنتها أو ابن الخال أو الخالة أو بنتهما لا يعتق لان شرط العتق ملك ذي رحم محرم فلا بد من وجودهما أعني الرحم المحرم ففي الأول وجد المحرم بلا رحم وفي الثاني وجد الرحم بلا محرم فلا يثبت العتق وأهل الاسلام وأهل الذمة في ذلك سواء لاستوائهم في حرمة قطع الرحم وأهلية الاعتاق وأهلية الملك ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم من ملك ذا رحم فهو حر وولاء المعتق لمن عتق عليه لان العتق ان وقع بالشراء فالشراء اعتاق وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الولاء لمن أعتق وان وقع بالملك شرعا فالملك للمعتق عليه فكان الولاء له ولو اشترى أمة وهي حبلى من أبيه والأمة لغير الأب جاز الشراء وعتق ما في بطنها ولا تعتق الأمة ولا يجوز بيعها قبل ان تضع وله ان بيعها إذا وضعت أما جواز الشراء فلا شك فيه لان شراء الأخ جائز كشراء الأب وسائر ذوي الرحم المحرم وأما عتق الحمل فلانه أخوه وقد ملكه فيعتق عليه ولا تعتق الام عليه لأنها أجنبية عنه لعدم القرابة بينهما يحققه انه لو ملكها أبوه لا تعتق عليه فابنه أولى وأما عدم جواز بيعها ما دام الحمل قائما فلان في بطنها ولد حرا ولان بيع الحامل بدون الحمل لا يجوز ألا ترى انه لو باعها واستثنى الحمل يفسد البيع فإذا كان الولد حرا والحر لا يكون محلا للبيع يصير كأنه استثنى الولد وإذا وضعت جاز بيعها لان المانع قد زال وإذا ملك شقصا من ذي رحم محرم منه عتق عليه قدر ما ملك في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد وزفر يعتق كله كما لو أعتق شقصا من عبد له أجنبي لان العتق يتجزأ عنده وعندهم لا يتجزأ ولو ملك رجلان ذا رحم محرم من أحدهما حتى عتق عليه فهذا لا يخلو اما ان ملكاه بسبب لهما فيه صنيع واما ان ملكاه بسبب لا صنيع لهما فيه فان ملكاه بسبب لهما فيه صنع بان ملكاه بالشراء أو بقبول الهبة أو الصدقة أو الوصية لا يضمن من عتق عليه لشريكه شيئا موسرا كانت أو معسرا في قول أبي حنيفة ولكن يسعى له العبد في نصيبه وعند أبي يوسف ومحمد يضمن الذي عتق عليه نصيبه إن كان موسرا وعلى هذا الخلاف إذا باع رجل نصف عبده من ذي رحم محرم من عبده أو وهبه له حتى عتق عليه لا يضمن المشترى نصيب البائع عند أبي حنيفة موسرا كان القريب أو معسرا ولكن يسعى العبد في نصف قيمته للبائع وعندهما يضمن إن كان موسرا وإن كان معسرا يسعى العبد ولو قال الرجل لعبد ليس بقريب له ان ملكته فهو حر ثم اشتراه الحالف وغيره صفقة واحدة ذكر الجصاص أنه على هذا الخلاف أنه لا ضمان عليه وفي قول أبي حنيفة وعندهما يضمن وذكر الكرخي أنى لا أعرف الرواية في هذه المسألة واجمعوا على أن العبد إذا كان بين اثنين فباع أحدهما نصيبه من قريب العبد حتى عتق عليه أن المشترى يضمن نصيب الشريك الساكت إن كان موسرا ولا يضمن البائع شيئا والكلام في هذه المسائل بناء على أن الاعتاق يتجزأ عند أبي حنيفة وعندهما لا يتجزأ ووجه البناء على هذا الأصل ان الاعتاق لما لم يكن متجزئا عندهما وشراء القريب اعتاق فكان شراء نصيبه اعتاقا لنصيبه واعتاق نصيبه اعتاق لنصيب صاحبه فيعتق كله كالعبد المشترك بين اثنين أعتقه أحدهما وهو موسر ولما كان متجزئا عنده كان شراء نصيبه
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222