بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٢٠٣
معنى المعاوضة المطلقة وتحقيق المساواة التي هي مطلوب العاقدين ومعنى المعاوضة والمساواة لا يتحقق الا في ثبوت الملك فيهما في زمان واحد فإذا شرط التعجيل فلم توجد المعاوضة المطلقة بل المقيدة بشرط التعجيل فيجب اعتبار شرطهما لقوله صلى الله عليه وسلم المسلمون عند شروطهم فيثبت الملك في العوض قبل ثبوته في المعوض ولهذا صح التعجيل في ثمن المبيع وإن كان اطلاق العقد يقتضى الحلول كذا هذا وللمؤجر حبس ما وقع عليه العقد حتى يستوفى الأجرة كما ذكره الكرخي في جامعه لان المنافع في باب الإجارة كالمبيع في باب البيع والأجرة في الإجارات كالثمن في البياعات وللبائع حبس المبيع إلى أن يستوفى الثمن فكذا للمؤاجر حبس المنافع إلى أن يستوفى الأجرة المعجلة فان قيل لا فائدة في هذا الحبس لان الإجارة إذا وقعت على مدة فإذا حبس المستأجر مدة بطلت الإجارة في تلك المدة ولا شئ فيها من الأجرة فلم يكن الحبس مفيدا فالجواب ان الحبس مفيد لأنه يحبس ويطالب بالأجرة فان عجل والا فسخ العقد فكان في الحبس فائدة على أن هذا لا يلزم في الإجارة على المسافة بأن أجر دابة مسافة معلومة لأن العقد ههنا لا يبطل بالحبس وكذا هذا ويبطل بيع ما يتسارع إليه الفساد كالسمك الطري ونحوه إذ للبائع حبسه حتى يستوفى الثمن وإن كان يؤدى إلى ابطال البيع بهلاك المبيع قبل القبض وان وقع الشرط في عقد الإجارة على أن لا يسلم المستأجر الاجر الا بعد انقضاء مدة الإجارة فهو جائز وأما على قول أبي حنيفة الأول فظاهر لان الأجرة لا تجب الا في آخر المدة فإذا شرط كان هذا شرطا مقررا مقتضى العقد فكان جائزا وأما على قوله الآخر فالأجرة وإن كانت تجب شيئا فشيئا فقد شرط تأجيل الأجرة والأجرة كالثمن فتحتمل التأجيل كالثمن أما إذا عجل الأجرة من غير شرط فلانه لما عجل الأجرة فقد غير مقتضى مطلق العقد وله هذه الولاية لان التأخير ثبت حقا له فيملك ابطاله بالتعجيل كما لو كان عليه دين مؤجل فعجله ولأن العقد سبب استحقاق الأجرة فالاستحقاق وان لم يثبت فقد انعقد سببه وتعجيل الحكم قبل الوجوب بعد وجود سبب الوجوب جائز كتعجيل الكفارة بعد الجرح قبل الموت وأما إذا استوفى المعقود عليه فلانه يملك المعوض فيملك المؤاجر العوض في مقابلته تحقيقا للمعاوضة المطلقة وتسوية بين العاقدين في حكم العقد المطلق وعلى هذا الأصل تبنى الإجارة المضافة إلى زمان في المستقبل بان قال أجرتك هذه الدار غدا أو رأس شهر كذا أو قال أجرتك هذه الدار سنة أولها غرة شهر رمضان انها جائزة في قول أصحابنا وعند الشافعي لا تجوز وجه البناء ان الأجرة بيع المنفعة وطريق جوازها عنده أن يجعل منافع المدة موجودة تقديرا عقيب العقد تصحيحا له إذ لا بد وأن يكون محل حكم العقد موجودا ليمكن اثبات حكمه فيه فجعلت المنافع موجدة حكما كأنها أعيان قائمة بنفسها وإضافة البيع إلى عين ستوجد لا تصح كما في بيع الأعيان حقيقة وأما عندنا فالعقد ينعقد شيئا فشيئا على حسب حدوث المعقود عليه شيئا فشيئا وهو المنفعة فكان العقد مضافا إلى حين وجود المنفعة من طريق الدلالة فالتنصيص على الإضافة يكون مقررا مقتضى العقد الا أنا جوزنا الإضافة في الإجارة دون البيع للضرورة لان المنفعة حال وجودها لا يمكن انشاء العقد عليها فدعت الضرورة إلى الإضافة ولا ضرورة في بيع العين لامكان ايقاع العقد عليها بعد وجودها لكونها محتملة للبقاء فلا ضرورة إلى الإضافة وطريقنا أولى لان جعل المعدوم موجودا تقدير للمحال وتقدير المحال محال ولا إحالة في الإضافة إلى زمان في المستقبل فان كثيرا من التصرفات تصح مضافة إلى المستقبل كالطلاق والعتاق ونحوهما فكان الصحيح ما قلنا وأما الأحكام التي هي من التوابع فكثيرة بعضها يرجع إلى الآجر والمستأجر مما عليهما ولهما وبعضها يرجع إلى صفة المستأجر والمستأجر فيه أما الأول فجملة الكلام فيه ان عقد الإجارة لا يخلو اما ان شرط فيه تعجيل البدل أو تأجيله واما إن كان مطلقا عن شرط التعجيل والتأجيل فان شرط فيه تعجيل البدل فعلى المستأجر تعجيلها والابتداء بتسليمها سواء كان ما وقع عليه الإجارة شيئا ينتفع بعينه كالدار والدابة وعبد الخدمة أو كان صانعا أو عاملا ينتفع بصنعته أو عمله كالخياط والقصار والصياغ والإسكاف لأنهما لما شرطا تعجيل البدل لزم اعتبار شرطهما لقوله صلى الله عليه وسلم المسلمون عند شروطهم وملك
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222