وهبته والتصدق به والوصية وهذا قول عامة العلماء وقال بعضهم يملك نقله بالبيع وغيره واحتجوا بما روى أن أسماء رضي الله عنها أعتقت عبدا فوهبت الولاء لابن مسعود رضي الله عنهما ولنا قوله صلى الله عليه وسلم الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولان محل هذه التصرفات المال والولاء ليس بمال فلا يجوز بيعه كالنسب واما ما روى عن أسماء رضي الله عنها فيحتمل أن يكون معناه وهبت له ما استحقت بالولاء وهو المال فرواه الراوي ولاء لكونه مستحقا بالولاء أو يحمل على هذا توفيقا بين الدلائل وكذا إذا باع عبدا أو شرط على المشترى أن يكون ولاؤه له فالشرط باطل ويكون ولاؤه للمشترى إذا أعتق عبده وشرط أن يكون ولاؤه لجماعة المسلمين لم يصح ويكون ولاؤه له لما روى أن عائشة رضي الله عنها لما اشترت بريرة شرط عليها أن يكون ولاؤها لمواليها فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في خطبته ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل وإن كان مائة شرط وهل يحتمل الولاء التحول من محل إلى محل ينظر فيه ان ثبت بايقاع العتق فيه لا يتحول ابدا لقوله صلى الله عليه وسلم الولاء لمن أعتق الزم الولاء المعتق وان ثبت بحصول العتق لغيره تبعا يتحول إذا قام دليل التحول وبيان هذه الجملة عند تزوج أمة لقوم فولدت منه ولد فأعتقها مولاها وولدها أو كانت حبلى به حين أعتقها أو أعتقها فولدت بعد العتق لأقل من ستة أشهر أو كانت معتدة من طلاق أو موت فولدت لتمام سنتين من يوم الموت أو الطلاق وقد أعتق الأب رجل آخر كان ولاء الولد للذي أعتقه مع أمه ولا يتحول إلى مولى أبيه وان أعتق أبوه بعد ذلك لأنه لما اعتقهما فقد ثبت ولاء الولد بايقاع العتق فيه فلا يحتمل التحول وكذا إذا أعتقها وهي حبلى لما قلنا وكذا إذا أعتقها ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الاعتاق لأنا تيقنا بكونه في البطن وقت الاعتاق لان الولد لا يولد لأقل من ستة أشهر فيثبت ولاؤه بالاعتاق فلا يتحول ولو جاءت بولد لستة أشهر فصاعدا يتحول ولاؤه إلى موالي الأب لأنا لم نعلم يقينا انه كان في البطن وقت اعتاق الام فيجعل كأنها حبلت بعد العتق فيكون حرا تبعا للام ويثبت له الولاء من موالي أمه على جهة التبعية وولاء الولد إذا ثبت لموالي الام على وجه التبعية يتحول إلى موالي الأب إذا أعتق الأب لما نذكر إن شاء الله عز وجل وإذا كانت الام معتدة من طلاق أو موت فان نسب الولد يثبت إلى سنتين لان الوطئ كان حراما فيجعل مدة الحمل سنتين ويحكم بكون الولد في البطن يوم الاعتاق فإذا حكمنا بوجوده يوم الاعتاق يثبت الولاء بالاعتاق فلا يتحول إلى غيره إذا كانت المعتقة تحت مملوك فولدت عتق الولد بعتقها لان الولد يتبع الام في الرق والحرية فان أعتق أبوه جر ولاء الولد إلى مولاه هكذا روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال إذا كانت الحرة تحت مملوك فولدت عتق الولد بعتقها فإذا أعتق أبوه جر الولاء وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه أنه أبصر فتية لعساء أعجبه ظرفهم وأمهم مولاة لرافع بن خديج رضي الله عنه وأبوهم عبد لبعض الحرقة من جهينة أو لبعض أشجع فاشترى الزبير أباهم فاعتقه ثم قال انتسبوا إلى وقال رافع بل هم موالي فاختصما إلى عثمان رضي الله عنه في ولاء الولد فقضى بولائهم للزبير يعنى ان الأب جر ولاء ولده إلى مولاهم وهو الزبير حين أعتقه الزبير وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينقل انه أنكر عليه أحد فيكون اجماعا ولان الأصل في الولاء هو الأب لان الولاء لحمة كلحمة النسب والأب هو الأصل في النسب حتى ينسب الولد إلى الأب ولا ينسب إلى الام الا عند تعذر النسبة إلى الأب وكذا في اعتبار الولاء وإنما يعتبر جانب الام عند تعذر الاعتبار من جانب الأب بان لم يكن من أهل الولاء ولا تعذر ههنا فيعتبر جانبه ولان الإرث بالولاء من طريق العصوبة والتعصيب من قبل الأب أقوى فكان أولى ولو مات الأب عبدا ولم يعتق كان ولاء ولده لموالي الام ابدا لتعذر اعتبار جانب الأب وأما الجد فهل يجر ولاء الحافد بأن كان للأب الذي هو عبد ابن عبد وهو جد الصبي فاعتق الجد والأب عبد على حاله قال عامة العلماء لا يجر ولا يكون مسلما باسلام الجد وولاء أولاد ابنه العبد لموالي الام لا لموالي الجد وقال الشعبي يجر ويكون مسلما باسلام الجد وجه قوله إن الجد يقوم مقام الأب في الولاية فان الأب إذا كان عبدا تتحول الولاية إلى الجد فكذا يقوم مقامه في جر الولاء والاسلام ولنا أن الأب
(١٦٧)