بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٣٩
بخلاف البيع فان مبناه على المماكسة فيفضى إلى المنازعة ولهذا جازت الكفالة إلى هذه الأوقات ولم يجز تأجيل الثمن إليها في البيع بخلاف المكاتبة إلى مجئ المطر وهبوب الريح لأنه ليس لذلك وقت معلوم ففحشت الجهالة فان كاتبه إلى العطاء فاخذ العطاء فان الأجل يحل في مثل الوقت الذي كان يخرج فيه العطاء لان المراد به العرف والعادة وقت العطاء لا عين العطاء وكذا في الحصاد والدياس ولو كاتبه على قيمته فالمكاتبة فاسدة لان القيمة تختلف بتقويم المقومين فكان البدل مجهول القدر وانه مجهول جهالة فاحشة ولهذا منعت صحة التسمية في باب النكاح حتى عدل إلى مهر المثل فتمنع صحة المكاتبة بل أولى لان النكاح يجوز بدون تسمية البدل ولا جواز للمكاتبة من غير تسمية البدل فلما لم تصح تسمية القيمة هناك فلان لا تصح ههنا أولى ولان جهالة القيمة موجب للعقد الفاسد فكان ذكرها نصا على الفساد بخلاف ما إذا كاتبه على عبد لان جهالة العبد جهالة الوصف أي جيد أو ردئ أو وسط فعند الاطلاق يقع على الوسط والوسط معلوم عندهم ألا ترى ان أبا حنيفة جعل قيمة الوسط أربعين دينار فاما المكاتبة على القيمة فليست بمكاتبة على بدل معلوم عند الناس عند اطلاق الاسم فصار كما لو كاتبه على ألف أو على ألفين غير أنه إذا أدى القيمة عتق لأن العقد الفاسد له حكم في الجملة عندنا كالبيع الفاسد إذا اتصل به القبص والنكاح الفاسد إذا اتصل به الدخول حتى يثبت الملك في البيع وتجب العدة والعقر ويثبت النسب في النكاح وكذا المكاتبة الفاسدة ولو قال كاتبتك على دراهم فالمكاتبة باطلة ولو أدى ثلاثة دراهم لا يعتق لان البدل مجهول جهالة متفاحشة وليس للدراهم وسط معلوم حتى يقع عليه الاسم بخلاف ما إذا قال أعتقتك على دراهم فقبل العبد عتق وتلزمه قيمة نفسه لان العتق هناك وقع بالقبول والجهالة متفاحشة فلزمه قيمة نفسه ولو كاتبه على أن يخدمه شهرا فهو جائز استحسانا والقياس ان لا يجوز وجه القياس ان الخدمة مجهولة لأنها مختلفة ولا يدرى في أي شئ يستخدمه وانه يستخدمه في الحضر أو في السفر وجهالة البدل تمنع صحة الكتابة وجه الاستحسان ان الخدمة المطلقة تنصرف إلى الخدمة المعهودة فتصير معلومة بالعادة وبحال المولى انه في أي شئ يستخدمه وبحال العبد انه لأي شئ يصلح فصار كما لو عينها نصا ولهذا جازت الإجارة على هذا الوجه فالمكاتبة أولى لأنها أقبل للجهالة من الإجارة ولو كاتبه على أن يخدم رجلا شهرا فهو جائز في القياس كذا ذكره في الأصل ولم يرد به قياس الأصل لان ذلك يقتضى ان لا يجوز لما ذكرنا وإنما أراد به القياس على الاستحسان الذي ذكرنا ويجوز القياس على موضع الاستحسان إذا كان الحكم في الاستحسان معقول المعنى كقياس الجماع ناسيا على قياس الأكل والشرب ناسيا ولان المنافع أموال في العقود وانها تصير معلومة بذكر المدة فلا فرق بين ان يستأجر رجلا ليخدمه أو ليخدم غيره وكذلك لو كاتبه على أن يحفر بئرا قد سمى له طولها وعمقها ومكانها أو على أن يبنى له دارا وأراه آجرها وجصها وما يبنى بها لأنه كاتبه على بدل معلوم ألا ترى ان الإجارة عليه جائزة فالكتابة أولى ولو كاتبه على أن يخدمه ولم يذكر الوقت فالكتابة فاسدة لان البدل مجهول ومنها ان لا يكون البدل ملك المولى وهو شرط الانعقاد حتى لو كاتبه على عين من أعيان مال المولى لم يجز لأنه يكون مكاتبة بغير بدل في الحقيقة فلا يجوز كما إذا باع داره من إنسان بعبد هو لصاحب الدار انه لا يجوز البيع لأنه يكون بيعا بغير ثمن في الحقيقة كذا هذا وكذا لو كاتبه على ما في يد العبد من الكسب وقت المكاتبة لان ذلك مال المولى فيكون مكاتبة على مال المولى فلم يجز وأما كون البدل دينا فهل هو شرط جواز الكتابة بان كاتبه على شئ بعينه من عبد أو ثوب أو دار أو غير ذلك مما يتعين بالتعيين وهو ليس من أعيان مال المولى ولا كسب العبد ولكنه ملك أجنبي وهو معين مشار إليه ذكر في كتاب المكاتب إذا كاتب عبده عل عبد بعينه لرجل لم يجز ولم يذكر الخلاف وذكر في كتاب الشرب إذا كاتبه على أرض لرجل جاز ولم يذكر الخلاف وذكر ابن سماعة الخلاف فقال لا يجوز عند أبي حنيفة ويجوز عند أبي يوسف وعند محمد ان أجاز صاحبه جاز والا لم يجز واطلاق رواية كتاب المكاتب يقتضى ان لا يجوز أجاز أو لم يجز واطلاق رواية كتاب الشرب يقتضى الجواز أجاز أو لم يجز ولأنه لما جاز عند عدم الإجازة فعند الإجازة أولى ويجوز أن يكون قول محمد
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222