بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٢
لئلا يفعل مثله في المستقبل فلا يجب لها شئ سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد لان فعلها جناية في الحالين ويرجع الزوج بما أدى على الكبيرة إن كانت تعمدت الفساد وإن كانت لم تتعمد لم يرجع عليها كذا ذكر المشايخ وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وروى عن محمد أن له أن يرجع عليها سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد وهو قول زفر وبشر المريسي والشافعي وجه قولهم أن هذا ضمان الاتلاف وأنه لا يختلف بالعمد والخطأ والدليل على أن هذا ضمان الاتلاف ان الفرقة حصلت من قبلها بارضاعها ولهذا لم تستحق المهر أصلا ورأسا سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد وإذا كان حصول الفرقة من قبلها بارضاعها صارت بالارضاع مؤكدة نصف المهر على الزوج لأنه كان محتملا للسقوط بردتها أو تمكينها من ابن الزوج أو تقبيلها إذا كبرت فهي بالارضاع أكدت نصف المهر بحيث لا يحتمل السقوط فصارت متلفة عليه ماله فتضمن وجه قول محمد أنها وان تعمدت الفساد فهي صاحبة شرط في ثبوت الفرقة لأن علة الفرقة هي الارتضاع للصغيرة لما بينا والحكم يضاف إلى العلة لا إلى الشرط على أن ارضاعها إن كان سبب الفرقة فهو سبب محض لأنه طرأ عليه فعل اختياري وهو ارتضاع الصغيرة والسبب إذا اعترض عليه فعل اختياري يكون سببا محضا والسبب المحض لا حكم له وإن كان صاحب السبب متعمدا في مباشرة السبب كفتح باب الإصطبل والقفص حتى خرجت الدابة وضلت أو طار الطير وضاع ولأن الضمان لو وجب عليها اما ان يحب باتلاف ملك النكاح أو باتلاف الصداق أو بتأكيد نصفه على الزوج لا وجه لان ملك النكاح غير مضمون بالاتلاف على أصلنا ولا وجه للثاني لأنها ما أتلفت الصدق بل أسقطت نصفه والنصف الباقي بقي واجبا بالنكاح السابق ولا وجه للثالث لان التأكيد لا يماثل التفويت فلا يكون اعتداء بالمثل ولأبي حنيفة وأبي يوسف أن الكبيرة وإن كانت محصلة شرط الفرقة وعلة الفرقة من الصغيرة كما ذكره محمد لكن الأصل ان الشرط مع العلة إذا اشتركا في الحظر والإباحة أي في سبب المؤاخذة وعدمه فإضافة الحكم إلى العلة أولى من اضافته إلى الشرط فاما إذا كان الشرط محظورا والعلة غير موصوفة بالحظر فإضافة الحكم إلى الشرط أولى من اضافته إلى العلة كما في حق البئر على قارعة الطريق فالكبيرة إذا لم تكن تعمدت الفساد فقد استوى الشرط والعلة في عدم الحظر فكانت الفرقة مضافة إلى العلة وهي ارتضاعها وإن كان ت تعمدت الفساد كان الشرط محظورا وهو ارضاع الكبيرة والعلة غير موصوفة بالحظر وهي ارتضاع الصغيرة فكان إضافة الحكم إلى الشرط أولى وإذا أضيفت الفرقة إلى الكبيرة عند تعمدها الفساد ووجب نصف المهر للصغيرة على الزوج ابتداء ملازما للفرقة صارت الفرقة الحاصلة منها كأنها علة لوجوبه لا انه بقي النصف بعد الفرقة واجبا بالنكاح السابق لان ذلك قول بتخصيص العلة لأنه قول ببقاء نصف المهر على وجود العلة المسقطة لكله وانه باطل فصارت الكبيرة متلفة هذا القدر من المال على الزوج إذ الأداء مبنى على الوجوب فيثبت له حق الرجوع عليها ولهذا المعنى وجب الضمان على شهود الطلاق قبل الدخول إذا رجعوا بالاجماع بخلاف ما إذا لم تتعمد الفساد لان عند عدم التعمد لا تكون الفرقة مضافة إلى فعل الكبيرة فلم يوجد منها علة وجوب نصف المهر على الزوج فلا يرجع عليها وأما مسألة فتح باب الإصطبل والقفص فكما يلزمهما يلزم محمدا لان عنده يضمن الفاتح وان اعترض على الفتح فعل الاختياري فقد خرج الجواب عن الباقي فافهم ثم تعمد الفساد يثبت بثلاثة أشياء بعلمها بنكاح الصغيرة وعلمها بفساد النكاح بارضاعها وعدم الضرورة وهي ضرورة خوف الهلاك على الصغيرة لو لم ترضعها والقول قولها في أنها لم تتعمد الفساد مع يمينها لان الزوج بدعوى تعمد الفساد يدعى عليها الضمان وهي تنكر فكان القول قولها وعلى هذا حكم المهر والرجوع في المسائل المتقدمة من الاتفاق والاختلاف ولو تزوج كبيرة وصغيرتين فأرضعتهما الكبيرة فان أرضعتهما معا حرمن عليه لأنهما جميعا صارتا بنتين للمرضعة فصار جامعا بينهن نكاح فحرمن عليه ولا يجوز له أن يتزوج الكبيرة أبدا سواء كان دخل بها أو لم يدخل بها لأنها أم منكوحته فتحرم بنفس العقد على البنت ولا يجوز له أن يجمع بين الصغيرتين نكاحا أبدا لأنهما صارتا أختين من الرضاع ويجوز أن يتزوج بإحداهما إن كان لم يدخل
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222