سأل عنها إبراهيم بن رستم وأبو عصمة سعد بن معاذ المرويان أبا يوسف أو ابن المبارك رضي الله عنهم ثم فرع محمد رحمه الله على ذلك فقال فسألته هل لاحد من أهل هذا النهر الخاص أن يتخذ عليه رحا ماء يكرى لها نهرا منه في أرضه يسيل فيه ماء النهر ثم يعيده إليه وذلك لا يضر بأهل الشرب قال ليس له ذلك لأنه من أعلاه إلى أسفله مشترك بينهم فليس لأحد منهم أن يحدث فيه حدثا ولا يتخذ عليه جسرا ولا قنطرة الا برضاهم بمنزلة طريق خاص بين قوم والجسر اسم لما يوضع ويرفع مما يتخذ من الخشب والألواح والقنطرة ما يتخذ من الآجر والحجر ويكون موضوعا ولا يرفع وكل ذلك يحدثه من يتخذه في ملك مشترك فلا يملكه الا برضاهم سواء كان منهم أو من غيرهم ثم من يتخذه إذا كرى له نهرا منه ففيه كسر ضفة النهر وتغيير الماء عن سننه فلا بد أن ينتقص الماء منه فإنه إذا كان يجرى على سننه لا يتبين فيه نقصان وإذا انفرج يتبين فيه النقصان وان عاد إلى النهر وكذلك العين أو البركة يكون بين قوم فالشركة فيهما خاصة كما بينا وسألته عن نهر بين رجلين له خمس كوى من هذا النهر الأعظم وأحد الرجلين أرضه في أعلى هذا النهر والآخر أرضه في أسفل هذا النهر فقال صاحب الأعلى أنى أريد أن أشد بعض هذه الكوى لان ماء النهر يكثر فيفيض في أرضى وأتأذى منه ولا يبلغك حتى يقل فيأتيك منه ما ينفعه قال ليس له ذلك لأنه يقصد الاضرار بشريكه ثم ضرر النزلاء يلحق صاحب الأعلى بفعل صاحب الأسفل بل تكون أرضه في أعلى النهر وبمقابلة هذا الضرر منفعة إذا قل الماء ولو سد بعض الكوى يلحق صاحب الأسفل ضرر لنقصان صاحب الأعلى وهو ممنوع من ذلك كما لو أراد أن يسكر النهر وكذلك لو قال اجعل لي نصف هذا النهر ولك نصفه فإذا كان في حصة سددت منها ما بدا لي وأنت في حصتك تفتحها كلها فليس له ذلك لان القسمة قد تمت بينهما مرة بالكوى فلا يكون لاحد أن يطالب بقسمة أخرى وفى القسمة الأولى الانتفاع بالماء لكل واحد منهما مستدام وفيما يطالب هذا به يكون انتفاع كل واحد واحد منهما بالماء في بعض المدة وربما يضر ذلك بصاحب الأسفل فان تراضيا على ذلك فلهما ما تراضيا عليه فان أقاما على هذا التراضي زمانا ثم بدا لصاحب الأسفل أن ينقض فله ذلك لان كل واحد منهما معير لصاحبه نصيبه من الشرب في نوبته من الشهر وللمعير أن يرجع متى شاء وكذلك لورثته بعد موته لأنهم خلفاؤه في ذلك وهذا لأنه لا يمكن أن يجعل ما تراضيا عليه مبادلة فان بيع الشرب بالشرب وإجارة الشرب
(١٧٩)